جاز مع المصلحة (١) إلى أن يوجد البدل (٢). والرّبح تابع (٣) للأصل ، ولا يملكه (٤)
______________________________________________________
وحينئذ فالربح العائد من التجارة هل يكون مختصّا بالبطن الموجود ، كمنفعة الموقوفة قبل بيعها ، أم مشتركا بين جميع الطبقات كنفس الثمن غير المختص بالموجودين؟ وجهان ، اختار المصنف الثاني ، لوجود المقتضي للتعميم ، وفقد المانع عنه.
أمّا وجود المقتضي ، فلأنّ الثمن بدل الموقوفة المشتركة بين البطون ، ومجموع ما اشتري بالثمن وبيع بأزيد منه وقع بإزاء الثمن الذي هو بدل الوقف ، فلا محالة يعمّ جميع الطبقات. كما إذا بيع الوقف الخراب بمائة دينار ، واتّجر المتولي بالثمن ، فاشترى به متاعا فباعه بمأتين ، فإنّ حال المجموع من الثمن والربح ـ أعني المأتين ـ حال نفس الثمن المفروض كونه مائة ، وكان للبطون ، وكذا المتاع المشتري به ، وكذا المائتان اللتان هما بدل المتاع ، لاقتضاء البدلية ثبوت اختصاصات المبدل للبدل ، على ما تقدم تفصيله في (ص ٦٣٦) فيكون وقفا.
وأمّا فقد المانع ، فلأنّ ما يتوهّم كونه مانعا عن الاشتراك هو قياس هذا الربح بفوائد نفس الموقوفة ، بأن يقال : إنّ البطن الموجود لو آجر الدار سنة بمائة دينار كانت الأجرة مختصة به ، ولا حقّ لسائر البطون فيها. وكذا لو أوقف حيوانا على البطون ، فأنتج ، فإنّ النتاج ملك لخصوص الطبقة الحاضرة.
ولكن القياس مع الفارق ، لأنّ الواقف جعل منفعة العين الموقوفة مختصة بكلّ واحد من البطون مدة حياته ، ولا وجه لشركة الجميع فيها. وهذا بخلاف الربح الحاصل بالتجارة بثمن الوقف ، لعدم كون الزيادة منفعة لنفس الموقوفة ، بل لبدلها ، فيجري عليها حكم البدل من كونه ملكا فعليا للموجود وشأنيا للمعدوم. بمقتضى البدلية ، ولا وجه للتبعيض ، بجعل ما يعادل أصل الثمن مشتركا بين الكل ، وما زاد عليه مختصا بالموجودين.
(١) الظاهر زيادة هذه الكلمة ، للاستغناء عنها بقوله : «وكانت المصلحة».
ويحتمل بعيدا أن تكون «المصلحة» قيدا للتجارة بقاء إلى أن يوجد البدل. فالمصلحة في قوله : «وكانت المصلحة» قيد للتجارة حدوثا ، وهنا قيد لها بقاء ، فتدبّر.
(٢) فبمجرد التمكن من تحصيل البدل لا يجوز التجارة وإن كانت مربحة.
(٣) لكونه ربحا للثمن المشترك بين الجميع.
(٤) يعني : ولا يملك الموجودون الربح ملكا طلقا ، كما كانت منفعة نفس العين الموقوفة ملكا طلقا للموجودين.