التقى المبعوثان قرب انطاكية راعياً كبير السنّ يُدعى (حبيب النجار) ، فحصل حوار بينهم ، سألهما حبيب النجار : من أنتما ومن أين جئتما؟ فقالا : نحن مبعوثا السيد المسيح رسول الله عيسى ، بُعث مؤخراً ، جئنا انطاكية لدعوة أهلها إلى عبادة الله ودين عيسى عليهالسلام.
قال الشيخ : هذا إدعاء كبير ، ويمكن لكلِّ أحد أن يدعيه ، فهل لكما دليل ومعجزة لاثبات كلامكما؟
قالا : نعم ، نشفي الذين استعصت أمراضهم.
قال الشيخ : لي مريض قعيد المنزل منذ سنوات ، فإذا عالجتموه كنت أول من آمن بكم.
قصد المبعوثان المريض وعالجاه ، وبذلك آمن حبيب النجار بالدين الجديد. ثمّ دخلا المدينة ودعيا الناس إلى الدين الجديد ، فآمن المشركون بعد ما رأوا معاجز منهما. وانتشر خبرهما وشاع في انطاكية كلها ، فكان الناس يقصدونها أفواجاً أفواجاً ويؤمنون بهما.
غضب من هذا التحوّل أولئك الذين كانوا يرون مصالحهم في الاستمرار على عبادة الأصنام ، فهاجموا المبعوثين وانهالوا عليهما بالضرب الشديد.
أحاط الخطر ببولص وبرنابا ، فقصدا ملك أنطاكية يشتكيان عنده حالهما ، لكن هؤلاء منعوهما من لقائه. وبعد التفكير في الموضوع قرّرا الانتظار جنب جدار القصر ويلفتا نظر الملك بالتكبير (الله أكبر) عند ما يخرج ، باعتبار كون التكبير عبارة جديدة ، وعندها يلتقيان به ويطرحان شكواهما عنده.
بعد مدَّة خرج الملك من قصره ، فكبَّرا ، فسمع تكبيرهما وانتبه لهما ، فسأل حواشيه : مَن هما؟ فأجابوه : إنَّهما انتفضا على أصنامنا وأهانوها ، فأمر بسجنهما دون أن يسمع كلامهما.
بلغ عيسى عليهالسلام خبر اعتقالهما ، لكن هذا الخبر لم يثنه عن عزمه ولم يثبط عزيمته في الدعوة إلى التوحيد ، فكان يعلم بأن التبليغ لا يتمُّ إلَّا بمبالغ طائلة وثمن غالٍ وبشهداء ومعوّقين واسرى ، وينبغي تحمُّل هذه كلها لأجل القيام بهذه المهمَّة ، فأمر شخصاً آخر لاستمرار عملية التبليغ ، وهو (شمعون الصفا) رئيس الحواريين.
__________________
صريحة من نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، ويبدو لأجل ذلك حاولوا دون انتشاره بين المسيحيين.