خطابات الآية
عقاب آكلي الربا في الدنيا والآخرة
هناك بحث بين المفسرين في هل أنَّ التَشبيه لآكلي الربا في الآية تشبيه لمصيرهم في الدنيا؟
ام أنّ ذلك نوع من العقاب والعذاب الأُخروي؟
يستفاد من الروايات أنّ هذا النوع من المصير يتعلق بكلا العالمين. وقد نقلت رواية في تفسير (نور الثقلين) عن الامام الصادق عليهالسلام يقول فيها : «آكل الربا لا يخرج من الدنيا حتى يتخبطه الشيطان» ، (١) والعبارة الأخيرة تعني الجنون.
وفي رواية أخرى حكت موضوع المعراج (٢) أنَّ الرسول صلىاللهعليهوآله قال :
«لما أُسري بي إلى السماء رأيت قوماً يريد أحدهم أنْ يقوم ولا يقدر عليه من عظم بطنه ، قال : قلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون الربا». (٣)
نسبة الجنون إلى الشيطان
لماذا نسب الجنون إلى الشيطان في آية المثل؟
المستفاد من ظاهر الآية هو أنَّ الشيطان سبب الجنون عند الإنسان.
لكن الأبحاث العلمية أثبتت وجود أسباب أخرى للجنون لا علاقة لها بالشيطان ، ومن هنا كانت للمفسرين آراء مختلفة في تفسير الآية ، نشير إلى بعضها هنا.
الف ـ القرآن يخاطب الناس بما يتماشى مع عقائدهم ؛ فإنّ الناس عصر النزول (العرب آنذاك) كانوا يعتقدون أنَّ الجنون من الشيطان ، أو أنَّ الشيطان ينفذ في جسم الإنسان فيجن ، ولهذا كان هذا التعبير القرآني كناية عن الجنون.
باء ـ المعنى الحقيقي للجملة هو المراد لا المعنى الكنائي ، ونسبة الجنون للشيطان من حيث
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٩١.
(٢) إنَّ مسألة المعراج تعد من عقائد المسلمين ، وقد عرج الرسول صلىاللهعليهوآله إلى السماء عدة مرات ، وللمزيد راجع تفسير الامثل ٨ : ٣٤٣ ـ ٣٥٤ ، ومما يذكر هنا أنَّ جهنم والجنة التي شاهدهما الرسول كانتا برزخيتين.
(٣) وسائل الشيعة ج ١٢ ، ابواب الربا ، الباب الاول ، الحديث ١٦.