«انظروا محمّداً في غدٍ ، فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته. وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنه على غير شيء».
وعلى أيّة حال فقد حل اليوم الموعود وشاهد النصارى النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله قادماً ومعه طفلين هما الحسن والحسين عليهماالسلام وكذلك علي وفاطمة عليهمالسلام ، فقال الأسقف الأعظم عند ما رأى هذا المنظر :
«إني أرى وجوهاً لو دعوا الله لاستجاب لهم وفي ذلك هلاككم» (١).
وهكذا امتنع من المباهلة ووافق النبي الأكرم على انسحابهم وتراجعهم.
لقد ذكرت كتب التواريخ قصة المباهلة بشكل مختصر كما مرّ آنفاً ، يقول أبو بكر الجصّاص من علماء القرن الرابع الهجري في كتابيه «أحكام القرآن» و «معرفة علوم الحديث» عبارتين جميلتين في هذا الصدد :
١ ـ قال في كتاب «أحكام القرآن» :
إنّ رواة السّير ونقلة الأثر لم يختلفوا في أنّ النبي صلىاللهعليهوآله أخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة ودعا النصارى الذين حاجّوه إلى المباهلة (٢).
٢ ـ ويقول أيضاً في كتاب «معرفة علوم الحديث» :
قد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عبّاس وغيره أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخذ يوم المباهلة بيد علي والحسن والحسين وجعلوا فاطمة ورائهم ثمّ قال : هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا (٣).
وعلى هذا الأساس هناك روايات وأحاديث كثيرة جدّاً في شأن نزول وتفسير آية المباهلة حيث نكتفي هنا بذكر رواية واحدة منها :
__________________
(١) لا بدّ من توفّر شرطين لمن يريد الاشتراك في المباهلة :
الأوّل : أن يكون مؤمناً بما يدعي ، لأن الشخص الانتهازي والكذاب لا يجرأ على المباهلة.
الثاني : أن تكون له رابطة قوية مع الله تعالى بحيث إنه إذا رفع يديه للدعاء ودعا على أحد الأشخاص فإن الله يستجيب دعاءه ، وقد لاحظ علماء نجران (٣ أو ١٠ أشخاص) توفّر هذين الشرطين في سيماء النبي ومرافقيه فأحجموا عن المباهلة.
(٢) أحكام القرآن : ج ٢ ، ص ١٦ (نقلاً عن احقاق الحقّ : ج ٣ ، ص ٤٨).
(٣) معرفة علوم الحديث : ص ٥٠ طبع مصر. (نقلاً عن احقاق الحقّ : ج ٣ ص ٤٨).