دون عوض مغرورا (١) من آخر ـ بأنّ (٢)
______________________________________________________
الثاني هو انتفاع المشتري بنماء المبيع كسكنى الدار ، ولبن الشاة وصوفها ، ومن المعلوم أنّ دفع بدلها إلى المالك لا يوجب نقصا في مال المشتري حتى يتمسّك بقاعدة نفي الضرر لتضمين البائع الفضولي.
قلت : بل يصدق الضرر حتى مع فرض وصول عوض تلك الغرامة إلى المشتري باستيفاء منفعة المبيع. والوجه في صدق الضرر أنّ المشتري لو كان عالما بأنّ هذا الانتفاع يستتبع غرامة لم يقدم عليه. وعليه فلا يندفع ضرر المشتري إلّا بالرجوع إلى البائع الغارّ. هذا تقريب التأييد.
ولعلّ وجه التعبير بالتأييد دون الدلالة ـ مع فرض صدق الضرر العظيم على ما اغترمه المشتري ـ هو : أنّ الاستدلال بقاعدة نفي الضرر والضرار يتوقف على أمرين ، كلاهما غير ثابت.
الأوّل : كون القاعدة مشرّعة للضمان ، بأن يقال : انّ مفاد قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر» نفي الضرر والإضرار في وعاء التشريع. وصدق هذا النفي كما يكون منوطا بنفي الحكم الضرري ، بتقييد إطلاق الأدلة فيما ترتّب الضرر على الحكم كوجوب الوضوء ولزوم البيع الغبني ، فكذا يكون منوطا بعدم تجويز إلقاء الغير في الضرر من دون جبرانه ببدل ، إذ لو جاز الإضرار بالغير بلا تدارك لم يصدق نفي الضرر شرعا بقول مطلق ، لكونه موجودا حسب الفرض ، وإعدام الضرر شرعا موقوف على جعل الضمان.
وهذا الأمر قد تقدّم منعه في قاعدة لا ضرر ، وأنّها نافية للحكم ، وليست مثبتة له.
الثاني : كون الغار سببا للخسارة الواردة على المغرور ، حتى يجوز الرجوع بها على البائع بمناط تسبيبه لتضرر المشتري. وهذا أيضا محل تأمل ، لعدم ترتب الغرامة على نفس البيع ، وليس المقام نظير تقديم الطعام المغصوب إلى شخص جاهل بالحال ، وسيأتي توضيح ضابطة ضمان التسبيب ، فانتظر.
(١) حال من فاعل «أقدم» والمراد بالمقدّم هو المشتري.
(٢) متعلق ب «مغرورا» وضمير «له» راجع الى «من» في قوله «من أقدم» المراد به المشتري.