وقد نقل هذه الترجمة بحروفها صاحب بغية الوعاة ، وأنباء الرواة ، والجزرى فى طبقات القراء والذهبى فى طبقات القراء أيضا ، والداوديّ فى طبقات المفسرين وشيخه السيوطى فى طبقات المفسرين أيضا ، ولم يزيدوا عليها شيئا ، وهو مظهر غريب بالنسبة لرجل له مؤلفات فى النحو والتفسير ، وله مشاركة فى علوم أخرى تبدو من كتابه «البرهان».
ويبدو أن ملازمته لوطنه «كرمان» وعدم رحلته فى طلب العلم لم يدع له شهرة بين مؤلفى الطبقات حتى جهلت سنة ميلاده وسنة وفاته ، وكل ما عرف عن حياته أنه كان فى حدود الخمسمائة وتوفى بعدها (وأرخ الزركلى صاحب الأعلام تاريخ وفاته نحو ٥٠٥ ه الموافق ١١١٠ م) (١) ، ولا نجد فى كتابه إشارة إلى شيخ من شيوخه يمكن استنباط عمره منها ، والظاهر أنه كان عصاميّا فى العلم ، تتلمذ على ما وصله من الكتب ، واعتمد على ذكائه الذى وصفه ياقوت بأنه كان عجبا ، فربما لقيه ياقوت وربما لم يلقه ، ولكن مؤلفاته تنم حقّا عن ذكائه.
والمؤكد أن تاج القراء كان يعيش فى آخر القرن الخامس وأول السادس ، وإن كنا نرجح أنه عاش فى النصف الثانى من القرن السادس.
وهو زمن كانت قد تدهورت فيه دولة بنى العباس ، فلم يبق لها إلّا صورة هزيلة احتوتها الخلافة الفاطمية بمصر والشام والمغرب ، وكان هناك فى ذلك الزمان نشاط واسع النطاق للقرامطة والمغول والباطنية وغيرهم من أرباب النحل الهدامة ، وكان استمساك هذا الرجل بتقاليد الدراسة الإسلامية الخالية من الانحراف ، والتى تهدف إلى البناء بين معاول الهدم دليلا
__________________
(١) من إضافات المراجع.