أخرجتم لنخرجن معكم ، فدربوا على الأزقة وحصنوها ثم أجمعوا على الغدر برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقالوا : اخرج في ثلاثين من أصحابك ، ويخرج منا ثلاثون ليسمعوا منك ، فإن صدقوك آمنا كلنا ففعل فقالوا : كيف نفهم ونحن ستون اخرج في ثلاثة من أصحابك ويخرج لك ثلاثة من علمائنا ، ففعل عليه الصلاة والسلام ، فاشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك ، فأرسلت امرأة منهم ناصحة إلى أخيها وكان مسلما ، فأخبرته بما أرادوا ، فأسرع إلى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فساره بخبرهم قبل أن يصل إليهم ، فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم ـ على ما قال ابن هشام في سيرته ـ ست ليال ، وقيل : إحدى وعشرين ليلة ، فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب وأيسوا من نصر المنافقين ، فطلبوا الصلح فأبى عليه الصلاة والسلام عليهم إلا الجلاء على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاءوا من المتاع ، فجلوا إلى الشام إلى أريحاء وأذرعات إلا أهل بيتين منهم آل سلام بن أبي الحقيق ، وآل كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، وآل حيي بن أخطب ، فلحقوا بخيبر ، ولحقت طائفة بالحيرة ، وقبض النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أموالهم وسلاحهم ، فوجد خمسين درعا ، وخمسين بيضة ، وثلثمائة وأربعين سيفا ، وكان ابن أبي قد قال لهم : معي ألفان من قومي وغيرهم أمدكم بها وتمدكم قريظة وحلفاؤكم من غطفان ، فلما نازلهم صلى الله تعالى عليه وسلم اعتزلتهم قريظة ، وخذلهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان ، فأنزل الله تعالى قوله).
كلمة في سورة الحشر ومحورها :
تفصل سورة الحشر في مقدمة سورة البقرة ؛ ولذلك فإنك تجد فيها كلاما عن المؤمنين والكافرين والمنافقين ، وذلك في سياق التعريف على الله عزوجل وأفعاله وأسمائه ، ومن المعلوم أن الإيمان بالله عزوجل هو الركن الأول من أركان الإيمان بالغيب ، ومن خلال هذا ندرك سر وحدتها ، وسر اتصالها بمحورها ، فهي تعرفنا على الله من خلال أفعاله ؛ وذلك نوع تفصيل لمقدمة سورة البقرة ، وفي هذا الجو تعرفنا على صفات المتقين والكافرين والمنافقين ، ولذلك صلاته بمقدمة سورة البقرة.
تتألف السورة من مقدمة ومقطعين ، المقدمة هي قوله تعالى : (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وكل من المقطعين مبدوء بقوله تعالى :