سورة الطارق
مكية ، عدد آياتها ١٧ آية
١ ـ ٤ ـ (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ ...) هذا قسم منه سبحانه بالسماء وبالطارق ، أي بربّ السماء والطارق (وَما أَدْراكَ) أي وما علمك يا محمد (مَا الطَّارِقُ) فلم يكن النبيّ (ص) ليعرفه لولا بيانه فيما يلي. (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) يعني : الكوكب المضيء ضياء ساطعا ، أما جواب القسم فهو : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) يعني : ما كلّ نفس إلّا عليها حافظ من الملائكة يحفظ أعمالها ويحصي أقوالها.
٥ ـ ١٠ ـ (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ ...) أي فلينظر المكذّب بالبعث وليتدبّر (مِمَّ خُلِقَ) أي من أي شيء خلقه الله وكيف أنشأه حتى يعرف أن الذي ابتدأه من هذه النّطفة قادر على إعادته. (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ) أي من ماء منصبّ في رحم المرأة ، وهو المنيّ (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) أي من بين ظهر الرجل وموضع القلادة من صدر المرأة أي بين الثديين. (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ) أي : إن الله الذي خلق الإنسان من هذا الماء قادر على إرجاعه حيّا بعد الموت. (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) أي يوم القيامة حين تظهر وتختبر أعمال بني آدم التي أكثرها كان سرّا بين الله والعبد. (فَما لَهُ) أي ليس لهذا الإنسان المنكر للبعث (مِنْ قُوَّةٍ) تمنع عنه العذاب (وَلا ناصِرٍ) يعينه على دفع غضب الله.
١١ ـ ١٧ ـ (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ ...) هذا قسّم منه سبحانه بالسماء ذات المطر وبالأرض ذات التشققات والتصدعات التي يخرج منها النبات والأشجار. وجواب القسم هو : (إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) أي أن القرآن قول يفصل بين الحق والباطل (وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) أي هو جدّ وليس باللّعب (إِنَّهُمْ) يقصد مشركي قريش (يَكِيدُونَ كَيْداً) يحتالون ويمكرون بك يا محمد وبمن معك من المؤمنين (وَ) أنا (أَكِيدُ كَيْداً) يعني : أريد أمرا يخالف ما يريدون ، وأدبّر ما يقضي على تدبيرهم ويحبط مكائدهم (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ) أي انتظر بهم يا محمد ، وتربّص تدبير الله فيهم (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) أي أمهلهم قليلا.
سورة الأعلى
مكية ، عدد آياتها ١٩ آية
١ ـ ٥ ـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ...) أي نزّه ربّك القادر بذاته وصفاته والذي ليس فوقه قادر يا محمد عمّا لا يليق بذاته الكريمة (الَّذِي خَلَقَ) الخلق جميعه (فَسَوَّى) بين مخلوقاته بالإتقان والإحكام (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) أي قدّر خلقة كل كائن على ما هو عليه ثم هدى جميع الأحياء لتحصيل معايشهم وأرزاقهم ، كما هدى الناس إلى دينه (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى) أي أنبت العشب والكلأ لمنافع الحيوانات (فَجَعَلَهُ) أي المرعى (غُثاءً أَحْوى) يعني جعله بعد الخضرة هشيما جافا أسود كالذي يرى فوق السّيل. وقيل : الأحوى الأخضر الشديد الخضرة يميل إلى السواد.
٦ ـ ١٣ ـ (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى ...) أي سنعلمك قراءة القرآن يا محمد فلا تنساها. وقيل سيقرأه عليك جبرائيل (ع) بأمرنا فتحفظه ولا تنساه. (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) سوى ما أراد الله تعالى أن ينسيك ، إيّاه بالنّسخ أو برفع حكمه. (إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى) أي أن الله تعالى يعلم العلن والسرّ. فلا تخفى عليه خافية. (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى) أي نسهّل لك عمل الخير. (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى) أي ذكّر الناس وعظّهم فإنما أنت مذكّر ، وتذكيرك لهم نافع في جعلهم مؤمنين ، وفي امتناعهم كلا أو بعضا عن الشّرك والمعاصي. (سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى) يعني أنه سيتّعظ وينتفع من يخاف عقاب الله (وَيَتَجَنَّبُهَا) ينصرف عن الذكرى (الْأَشْقَى) أي الأكثر شقاء من العاصين. (الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى) أي يلزم أكبر نيران جهنّم ويكون من وقودها (ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) يعني أنه لا يموت فيرتاح ، ولا يعيش حياة يهنأ بها. بل يذوق أنواع العذاب.
١٤ ـ ١٥ ـ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ...) يعني فاز ونجح من طهر نفسه من الشّرك. وقيل : تزكّى : أعطى زكاة ماله. وقيل أراد صدقة الفطرة وصلاة العيد كما عن أبي عبد الله (ع). وكثيرين غيره. أمّا ذكر الله فقيل هو ذكره بقلبه عند الصلاة ، وقصد الصلوات الخمس المكتوبة ، بما فيها من خشوع وخشية ورجاء.