سورة البروج
مكية ، عدد آياتها ٢٢ آية
١ ـ ٩ ـ (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ ...) أقسم سبحانه بالسماء ذات البروج : مفردها برج ، وهي هنا منازل الشمس والقمر والكواكب والتي هي اثنا عشر منزلا أو برجا. كما أقسم بيوم القيامة الذي يتم فيه الفصل والحساب (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) قيل إن الشاهد هو يوم الجمعة ، والمشهود يوم عرفة وقيل أيضا الشاهد يوم النحر ، والمشهود يوم عرفة ، والشاهد محمد (ص) ، والمشهود يوم القيامة. وقيل إن الشاهد هو الملك الذي يشهد على ابن آدم بما عمله ، كما قيل إنها أعضاء المرء تشهد عليه. (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) جواب للقسم ، أي وحقّ ما ذكرناه لعن أصحاب الأخدود ، الذي هو الشقّ العظيم في الأرض. لعنوا بحرق الناس في الدنيا لمجرد أنهم مؤمنون. أمّا قصة أصحاب الأخدود فمعروضة في الموسوعات. (النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) وكلمة (النَّارِ) بدل من الأخدود ، وهو بدل اشتمال لأن الأخدود يشتمل على ما فيه من النار. وعبارة (ذاتِ الْوَقُودِ) صفة له. وهذه العبارة إشارة إلى كثرة حطب هذه النار وتعظيم لأمرها. (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) إلخ أي حيث كان الكفار قاعدين من حوالي النار يعذّبون المؤمنين بها وهم على كراسيهم يشهدون ذلك العذاب للمؤمنين. (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) أي ما كرهوا منهم (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ) إلّا تصديقهم بالله (الْعَزِيزِ) القويّ الذي لا يمتنع عليه شيء (الْحَمِيدِ) المحمود في سائر تدابيره وأفعاله (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مر معناه. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) أي أنه شاهد عليهم أيضا لأنه شاهد على فعلهم بالمؤمنين وسيعاقبهم عليه.
١٠ ـ ٢٢ ـ (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ...) أي الذين أحرقوا المؤمنين والمؤمنات بالنار وعذّبوهم بها لإيمانهم (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) لم يستغفروا الله من الشّرك الذي هم عليه. (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) جزاء كفرهم وشركهم (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) جزاء حرقهم للمؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) صدّقوا بالله ووحّدوه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) قاموا بالطاعات المطلوبة (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) مرّ تفسيرها و (ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) أي : وهذا هو النجاح العظيم والظفر بالثواب الجزيل. (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) أي أن أخذ ربّك ـ يا محمد ـ للكافرين بالعذاب أخذ أليم (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ) يعني أنه سبحانه يبدئ الخلق في الدنيا (وَيُعِيدُ) أولئك الخلق أحياء بعد الموت التائبين من المؤمنين (الْوَدُودُ) المحب لعباده الصالحين (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) صاحب ذلك العرش ذي العظمة والرفعة. وأكثر القراءة في (الْمَجِيدُ) الرفع لأنه هو سبحانه الموصوف بالمجد (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) يفعل ما يشاء ولا يعجزه شيء (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ) أي هل بلغك خبر أولئك الذين جنّدوا أنفسهم لمحاربة أنبيائه ورسله (فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ) بدل من (الْجُنُودِ) وكيف دمّر الله عليهم بالإغراق وبالصيحة. (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) من قريش وغيرهم (فِي تَكْذِيبٍ) لقولك وللقرآن (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) فهم لا يفوتونه لأنهم في سلطانه وفي قبضته (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ) وهذا القرآن الذي بين يديك : كريم لأنه كلام الله ، وعظيم السخاء بما يعطي من الخير العميم والنفع الكثير (فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) أي أنه عندنا محفوظ من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان.