١٥٤ ـ (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتٌ) ... أي أنهم ماتوا وفاتوا (بَلْ أَحْياءٌ) يعني أنهم أحياء (وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ) لا تدركون ذلك ، ولا تفهمون كيف تكون حياتهم. والآية الشريفة نزلت في شهداء بدر.
١٥٥ ـ (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ) ... أي لنختبرنّكم بشيء قليل من خوف السلطان بل مطلق الظّلمة أو مطلق ما يخاف منه. (وَالْجُوعِ) الذي يتولّد من القحط أو الجدب. (وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ) بإخراج الزّكاة أو التلف من الحوادث السماوية والأرضية (وَالْأَنْفُسِ) بالأمراض العارضة والموت الذريع (وَالثَّمَراتِ) من الحوادث أو عدم نزول الأمطار (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) الذين يتحمّلون تلك المشاقّ والشدائد الكريهة على الطّباع البشرية.
١٥٦ ـ (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) ... فالمؤمنون إذا أصابتهم أيّة بليّة (قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) والجملة هذه إقرار من العبد بوجود الصانع وبمالكيته وبالبعث.
١٥٧ ـ (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ) ... أي من كانوا على تلك الحال فإن لهم من ربّهم مغفرة وثناء جميلا. (وَرَحْمَةٌ) أي لطف وإحسان. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) أي المصيبون طريق الحق.
١٥٨ ـ (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ) ... الصّفا والمروة مرتفعان بجانب المسجد الحرام يجري بينهما عمل وهو السّعي بكيفية خاصة. وشعائر ، مفردها : شعيرة ، وهي العلامة. والمراد من شعائر الله هنا شعائر الحج ، أي مناسكه وأعماله ومعالمه. (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ) أي قصد زيارة بيت الله ، سواء أقصده بأعمال مخصوصة تسمّى حجّا أو بأعمال أخرى تسمّى عمرة. (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) أي لا حرج عليه أن يسعى بينهما. والمروة مما ابتدع أهل الجاهلية فأنزل الله هذه الآية. وإنما قال لا جناح عليه مع أن السعي واجب ـ وعلى قول على خلاف فيه ـ لأنّه كان على المرتفعين صنمان يمسحهما المشركون إذا سعوا ، فتحرّج المسلمون عن الطواف بهما لأجل الصّنمين فنزلت الآية. (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) أي تبرّع بزيادة على الواجب بعد إتمامه من الطاعات ، (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) أي أنه سبحانه مثيب عليه ، وعليم بما يفعلونه.
١٥٩ ـ (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا) ... يعني أحبار اليهود ورهبان النصارى ، فإنهم علموا أنّ محمدا على الحق فأخفوا ذلك ، والحكم يشمل كلّ من كتم شيئا (مِنَ الْبَيِّناتِ) أي البراهين المنزلة في الكتب المتقدمة. (وَالْهُدى) الأدلة العقلية. (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ) أي بعد إيضاحه لهم إتماما للحجة (فِي الْكِتابِ) التوراة أو جنس الكتاب فيشمل جميعها حتى القرآن. (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) اللّعن من الله هو الإبعاد من الرحمة وإيجاب العقوبة ، ومن غيره يكون معنى اللعن : الدّعاء عليهم باللعن.
١٦٠ ـ (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) ... أي أقلعوا عن كتمان ما أنزل الله ، وعن المعاصي (وَأَصْلَحُوا) أي صحّحوا ما أفسدوا (وَبَيَّنُوا) أي أوضحوا ما بيّناه. (فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ) أعفو عمّا قد سلف منهم (وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) أي البالغ في العفو والإحسان غايتهما.
١٦١ ـ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ... وجه كفرهم هو ردّ نبوّة محمد (ص) (وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) الجملة حاليّة تبيّن وصفهم الذي كانوا عليه وماتوا عليه (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) تقدم معنى اللعن من الله ومن الناس ، وقيل المراد من الناس هنا عام كما قيل بأنه خصوص المؤمنين.
١٦٢ ـ (خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) ... أي باقون أبدا في جهنّم. (لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ) لا يضعف وقد يشتدّ. (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) لا يمهلون ولو بمقدار يسع الاعتذار.
١٦٣ ـ (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ... عن ابن عباس أن كفّار قريش قالوا : يا محمد صف لنا ربّك وبيّن لنا نسبه ، فأنزل الله سورة الإخلاص وهذه الآية التي دلت على أنه لا إله غيره ولا مثل له ولا ندّ في صفة الألوهية. بل إنه واحد في جميع صفاته التي يستحقها لنفسه. (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) هو تثبيت لصفة الألوهية المستفاد من قوله : إلهكم إله واحد. (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) أي المتصف بصفة الرحمانيّة جزئية وكليّة ، أصولا وفروعا ، ولا يكون في عالم الوجود سواه ، لأنّ كلّ ما سواه إمّا أن يكون نعمة ، وإمّا أن يكون منعما عليه ... فقالوا : إن كنت صادقا فأت بآية نعرف صدقك ، فنزلت الآيات الكريمة التالية :