٦٢ ـ (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ
فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ ...) أي إذا أراد الذين يطلبون منك الصلح أن يقصدوا بطلبهم
تفريق أصحابك حتى يأخذوكم على حين غرّة ويقاتلونكم وأنتم على غير استعداد ، فإن
الله يتولّى كفايتك أمرهم ، (هُوَ الَّذِي
أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ) أي قوّاك على الظفر من أعدائك بالمؤمنين.
٦٣ ـ (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ...) أي قرّب وجمع قلوبهم على هدف واحد ، (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ
جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) أي لو بذلت كل وسيلة ممكنة لما قدرت على إزالة ما بينهم من
ضغائن (وَلكِنَّ اللهَ
أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) أي جمعهم على الإيمان (إِنَّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ) مر معناه.
٦٤ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ
وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...) خطاب للنبي (ص) أي أن الله حسبك وحسب من وافقك من المؤمنين
على الجهاد أي أنه تعالى يكفيك ويكفيهم ويقيكم شرور الكافرين والكلام مسوق للتحريض
على القتال على ما يفيده : السياق والقرائن الخارجية ، فإن تأثير المؤمنين في
كفايتهم له (ص) إنما هو بالقتال على ما يتبادر إلى الذهن.
٦٥ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ
الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ ...) التحريض : هو الحثّ والحضّ. أي رغّبهم في الجهاد (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ
صابِرُونَ) على الحرب والقتال (يَغْلِبُوا
مِائَتَيْنِ) من أعدائكم (وَإِنْ يَكُنْ
مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) يقهروهم بسبب (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ
لا يَفْقَهُونَ) أي لا يدركون أمر الله ولا تستوعبه أفهامهم. والفقه : أبلغ
وأغزر من الفهم. وفقدان الفقه في الكفار ، وبالمقابلة ثبوته في المؤمنين هو الذي
أوجب أن يعدل الواحد من العشرين من المؤمنين أكثر من العشرة من المائتين من الذين
كفروا حتى يغلب العشرون من هؤلاء المائتين من أولئك على ما بني عليه الحكم في
الآية ، لأن المؤمنين إنما يقدمون فيما يقدمون عن إيمان بالله وهو القوة التي لا
يمكن لقوة أن تقف في وجهها.
٦٦ ـ (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ ...) الآن : يعني في هذا الوقت. والمعنى : أن الله سبحانه لمّا
علم أن الأمر يشقّ عليكم ، خفّف عنكم الحكم في الجهاد من وجوب ثبات الواحد للعشرة
من الكفار إلى وجوب ثبات الواحد للإثنين فقط من الكفار (وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) في العزيمة والتبصّر (فَإِنْ يَكُنْ
مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ) على الجهاد والقتال (يَغْلِبُوا
مِائَتَيْنِ) من أعدائهم (وَإِنْ يَكُنْ
مِنْكُمْ أَلْفٌ) صابرون (يَغْلِبُوا) من الأعداء (أَلْفَيْنِ ،
بِإِذْنِ اللهِ) أي بأمره وعلمه. (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) أي أن معونة الله مرصودة للثابتين في ساعة العسرة.
٦٧ ـ (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ
أَسْرى ...) أي ليس لأي نبي حق في أن يتخذ أسرى من محاربته المشركين
ليفديهم ذووهم أو ليمنّ هو عليهم (حَتَّى يُثْخِنَ فِي
الْأَرْضِ) أي إلّا بعد أن يبالغ في قتل المشركين وقهرهم ، (تُرِيدُونَ) أيها المؤمنون ، (عَرَضَ الدُّنْيا) وهو مالها وما يعرض فيها مما هو زائل (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أي يريد لكم ثواب الآخرة (وَاللهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ) مر معناه.
٦٨ ـ (لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ ...) أي : لو لا حكم أو قضاء سبق منه سبحانه قيل : هو قوله
تعالى : «ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم» وقيل غير ذلك. (لَمَسَّكُمْ) لأصابكم. (فِيما) بسبب ما (أَخَذْتُمْ) من الأسرى. (عَذابٌ عَظِيمٌ) أي شديد.
٦٩ ـ (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً
طَيِّباً ...) أي أبيح لكم أكل ما أخذتموه غنيمة من أموال الأعداء الذين
قاتلوكم (وَاتَّقُوا اللهَ) بتجنّب المعاصي (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ) مر معناه.