من أجلها خلقهم
أجمعين. فأشهد الله أرواح بنى آدم على أنفسهم ، أشهدهم أنه ربهم لا شريك له ، وأنه
خالقهم ، لئلا يتعللوا يوم القيامة بأنهم كانوا لا يعلمون هذه الحقيقة ، أو أنهم
كانوا مقلدين لآبائهم فى الغفلة عنها ، فلا يحاسبون عليها.
وكان هذا هو
الميثاق الأول الذى أخذه الله على جميع الناس فى عالم الأرواح ، وقبل هذه الحياة
الدنيا.
آدم أولا ثم حواء
أمامنا نص واضح
وصريح ، يقول فيه جل وعلا : (يا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها
زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) [النساء : ١]
ويدلنا هذا النص الواضح الصريح على ما يأتى :
(أولا) أن المقصود
بالآية الكريمة هو أمر الله تعالى للناس بتقوى الله عزوجل ، وبيان أن الله خلق الناس من آدم وحواء ، فهى تشير إلى
بثه تعالى لخلق كثير من الرجال والنساء ، من نفس واحدة وزوجها ، وهى أصل كل الناس
فى الأرض ، ولا يكون ذلك إلا من آدم عليهالسلام وحواء.
(ثانيا) أن آدم
وحواء لم يخلقا فى آن واحد وإنما خلقا فى وقتين اثنين ، ف «النفس الواحدة» هى آدم
، و «زوجها» الذى خلقه الله منها هى حواء ، فهو معطوف على القول الأول. أى أن «النفس
الواحدة» (آدم) خلقت أولا ، ثم خلق منها «زوجها» (حواء) بعد ذلك.
وهناك إشارات
ودلائل تؤكد ذلك :
(أ) فلو كان
سبحانه قد خلق آدم وحواء فى وقت واحد لجاء ذلك مذكورا بوضوح فى كتابه العزيز الذى (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً
إِلَّا أَحْصاها) [الكهف : ٤٩].
(ب) قد لا يفيد
حرف العطف (الواو) ترتيبا بين المعطوف والمعطوف عليه فى قوله (وخلق) ، لأن حرف (الواو)
كما يقول علماء اللغة لا تفيد إلا مطلق الجمع ، فلا تفيد الترتيب ، فإنك إذا قلت
مثلا : جاء خالد وأيمن ، فإن الواو هنا لا