ومن بين معانيه ـ وهو
المقصود هنا ـ إنشاء شىء من شىء آخر. وعليه فإن هذا الفعل جاء هنا ليدل على التحول
من مرحلة «العلقة» إلى مرحلة جديدة هى «المضغة». وإذا كان المفهوم من كلمة «خلق»
هنا أنها تقترن بعمليات تخلق متميزة ، فإن علم الأجنة يقر بأن بدايات الأجهزة
المختلفة تبدأ خلال مرحلة «المضغة» ، وأن عملية «الخلق» سمة خاصة لمرحلة «المضغة».
وحيث إن المظهر
الخارجى للجنين يتغير بالتغيرات التى تقع فى داخله ، فإن فعل (سوّى) [الذى يعنى
قوّم وجعل الشىء مستويا بدون ارتفاع وانخفاض] يدل على أن مرحلة «المضغة» قد انتهت.
وهذا أمر منطقى لأن «المضغة» غير مسوّاة ولا تحوى عظاما أو عضلات ، وبالتالى فليس
لها مظهر بشرى.
وعليه فإن مرحلة «التسوية»
المذكورة فى سورتى (القيامة) و (الانفطار) ، والتى يكون فيها السطح الخارجى للجنين
سويا دون تعرجات ، تأتى بعد مرحلة «المضغة» ، وتليها مباشرة.
وفى سورة (الحج)
وصف للمضغة بأنها «مخلقة وغير مخلقة» ، وعليه فإن بدء عملية تخلق الأجهزة المختلفة
للجنين صفة بارزة لما قبل التسوية.
وبمقارنة ما ورد
فى سورتى (القيامة) و (الانفطار) نجد أن الخلق والتسوية يتعاقبان على نحو متسق
فيهما.
رابعا : العظام :
يتضح من سورة (الانفطار)
أن مرحلة التعديل تلى طور التسوية. ويقع التعديل باقتراب الجنين من المظهر البشرى
الذى لا يمكن أن يحدث فى مرحلة العظام. وعليه نخلص إلى أن مرحلة التعديل تبدأ مع
بدء مرحلة التكسية باللحم (تكوين العضلات) التى تلى مرحلة العظام (التسوية).
وقد استخدم القرآن
الكريم كلمة «عظام» للدلالة على الشكل فى المقام الأول ، والفعل «سوى» لوصف وقوع
حدث ؛ حيث يشتمل هذا الفعل على المعانى التالية :