وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ
____________________________________
الصد منذ ظهرت دعوة الإسلام والتوحيد محادة لله (وَكُفْرٌ بِهِ وَ) صد عن (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فلا يخلون سبيل المسلمين اليه (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) وهم رسول الله ومن آمن به من اهل مكة بذلك الإخراج المزعج عداوة لله وتوحيده ورسوله ودعوته إلى الصلاح (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) مما تحسبونه كبيرا من قتال المشركين في الشهر الحرام. بل انهم لا يزالون يريدون أن يفتنوا المؤمنين عن التوحيد ودين الحق بالمخادعة أو ما تيسر لهم من انواع الإيذاء (وَالْفِتْنَةُ) عن الدين (أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) مع ان غزوهم وقتالهم إنما كانا لأجل تهديدهم وإرهابهم وردعهم عن أذى المؤمنين فإنهم لا يزالون مصرين على عداوة دين الحق (وَلا يَزالُونَ) في ضلالهم وغيهم (يُقاتِلُونَكُمْ) هذا التفات إلى خطاب المسلمين وفيه مناسبة لأن يكونوا هم السائلين عن قتال المشركين في لشهر الحرام (حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ) وهذا غرضهم من قتالهم لكم (إِنِ اسْتَطاعُوا) ان يدوموا على قتالكم وفيه بشرى بأنهم لا يستطيعون ولا يدومون (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ) جمع باعتبار معنى «من» (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) وسقطت كأنها لم تكن فلا اثر لها ولا كرامة ولا استحقاق مع الكفر والارتداد (فِي الدُّنْيا) باعتبار افتخارهم بأعمالهم في الإسلام او ترتيب آثار لها (وَالْآخِرَةِ) فإن المرتد الذي يموت على الكفر قد أسقط نفسه بكفره عن أهليته للجزاء وان عمل العمل في حينه على وجهه (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) في التبيان والمبسوط روى أصحابنا انه «اي قتال المشركين في الأشهر الحرم» باق على التحريم فيمن يرى لهذه الأشهر حرمة وافتى بذلك في النهاية ولم يحضرني كتاب الجهاد من خلافه والرواية هي مضمرة تهذيبيه وتفسير العياشي عن العلاء بن فضيل وفي طريقها محمد بن سنان. وفي المنتهى انه قول أصحابنا وفي الجواهر لا خلاف فيه عندنا وجعل المضمرة مجبورة بذلك. ولا يعارضه قتال الرسول (ع) عام الفتح لهوازن في شوال والطائف في ذي القعدة لأن الذين قاتلهم ممن هتكوا حرمة الشهر وبدأوا بالقتال بل يدل عليه قوله تعالى في سورة براءة (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا