والذي عليه الناس ، هو الوجه الأول الذي ذكرناه».
وقد قال سيبويه هذا الكلام هاهنا ، وقال في الباب المترجم عنه :
«هذا باب (١) ما يكون فيه «إلا» وما بعده وصفا بمنزلة : «مثل» ، و «غير».
ومضى في كلامه «[ولا يجوز أن تقول : ما أتانى إلا زيد ، وأنت تريد أن تجعل الكلام بمنزلة «مثل» ، إنما يجوز ذلك صفة] (٢) ثم قال : ولا يجوز أن يكون رفع «زيد» على إضمار : إلا أن يكون زيدا ؛ لأنك لا تضمر الاسم الذي هذا من تمامه ، لأن «أن» يكون اسما وما بعده صلة له».
ويجوز في الآية الأولى حذف «أن» ولم يجوزّه في الفصل الثاني.
وأبو إسحاق تكلم على الآية ، أعنى قوله : (أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي) (٣) ونقل كلامه أبو علىّ فى «الإغفال» وأراد أن يتكلم عليه ، فبيّض الموضع.
وهذا كلام أبى إسحاق : «أفغير» منصوب ب «أعبد» لا بقوله «تأمرونى».
المعنى : أفغير الله أعبد أيها الجاهلون فيما تأمرونى.
ولو كان أبو العباس حين تتبّع سيبويه ، وتكلم بمثل هذا الكلام البارد الذي لا يخدش شيئا من كلامه ، وتتبعه على هذا الوجه ، وتكلّم بمثل هذا الكلام ، وفصل بين الموضعين. كان أحق وأجدر.
وقد ضمّنت هذا الكتاب مثل هذا الفصل فصولا أخر ، تقدم بعضها ، وأنت بصدد الثاني فاحفظها.
قال الشيخ : ومما يحمل على إضمار «أن» فى التنزيل قوله تعالى : (فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ) (٤) ، ف «أن» مضمرة ، وهي مع الفعل في تقدير المصدر معطوف على «خزى».
__________________
(١) الكتاب (١ : ٣٧٠).
(٢) تكملة عن الكتاب لسيبويه.
(٣) الزمر : ٦٤.
(٤) البقرة : ٨٥.