الشريعة ، واتخذت الاستغاثة بغير الله تعالى للنجاة ذريعة ، وتعذر على العارفين الأمر بالمعروف ، وحالت دون النهي عن المنكر صنوف الحتوف)
أقول : لعل في كلام الألوسي الأخير شفاء من الداء العياء ، الذي أعيا الأطباء ، وهو ما استشرى عند طبقات من الأمة ، إذ يدعون غير الله ويستغيثون به ، وإذا نصحتهم أو وعظتهم جادلوا متأولين ، وكأنك تدعوهم إلى شرك أو ضلال ، لا إلى التوحيد الخالص.
٢ ـ بمناسبة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) قال الألوسي : (هذا وفي الآية من الزجر عن البغي مالا يخفى. وقد أخرج أبو الشيخ وأبو نعيم. والخطيب والديلمي وغيرهم عن أنس قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاث هن رواجع عن أهلها : المكر والنكث والبغي ، ثم تلا عليه الصلاة والسلام (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ) وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم» وأخرج أيضا من طريق بلال بن أبي بردة عن أبيه عن جده عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يبغي على الناس إلا ولد بغي أو فيه عرق منه» وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس. وابن عمر رضي الله عنهم قالا : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما» وكان المأمون يتمثل بهذين البيتين لأخيه
يا صاحب البغي إن البغي مصرعة |
|
فاربع فخير فعال المرء أعدله |
فلو بغى جبل يوما على جبل |
|
لاندك منه أعاليه وأسفله |
وعقد ذلك الشهاب فقال :
إن يعد ذو بغي عليك فخله |
|
وارقب زمانا لانتقام باغي |
واحذر من البغي الوخيم فلو بغى |
|
جبل على جبل لدك الباغي) |
٣ ـ وبمناسبة الكلام عن الدنيا في المجموعة نذكر بالحديث : «يؤتى بأنعم أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة فيقال : هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول : لا ، ويؤتى بأشد الناس عذابا في الدنيا فيغمس في النعيم غمسة ثم يقال له : هل رأيت بؤسا قط. فيقول : لا».