عِندَ رُؤوسِهِما بِإِنائي كَراهِيَةَ أن اُورِقَهُما ١ واُوذِيَهُما ، حَتَّى استَيقَظا مِن قِبَلِ أنفُسِهِما فَسَقَيتُهُما كَما كُنتُ أفعَلُ. اللّهُمَّ إن كُنتَ تَعلَمُ أنّي فَعَلتُ ذلِكَ مِن مَخافَتِكَ فَافرِج عَنّا. فَانصَدَعَ الجَبَلُ عَنهُم فَخَرجوا يَتَزَلزَلونَ ٢. ٣
١٢ / ٣
اِستِجابَةُ دُعاءِ الشّابِّ القاطِعِ الطَريقَ
١٠٨١. الإمام زين العابدين عليهالسلام : إنَّ رَجُلاً رَكِبَ البَحرَ بِأَهلِهِ فَكُسِرَ بِهِم ، فَلَم يَنجُ مِمَّن كانَ في السَّفينَةِ إلاَّ امرَأَةُ الرَّجُلِ ؛ فَإِنَّها نَجَت عَلى لَوحٍ مِن ألواحِ السَّفينَةِ ، حَتّى اُلجِأَت عَلى جَزيرَةٍ مِن جَزائِرِ البَحرِ ، وكانَ في تِلكَ الجَزيرَةِ رَجُلٌ يَقطَعُ الطَّريقَ ، ولَم يَدَع للّه حُرمَةً إلاَّ انتَهَكَها ، فَلَم يَعلَم إلاّ وَالمَرأَةُ قائِمَةٌ عَلى رَأسِهِ ، فَرَفَعَ رَأسَهُ إلَيها فَقالَ : إنسِيَّةٌ أم جِنِيَّةٌ؟ فَقالَت : إنسِيَّةٌ ، فَلَم يُكَلِّمها كَلِمَةً حَتّى جَلَسَ مِنها مَجلِسَ الرَّجُلِ مِن أهلِهِ ، فَلَمّا أن هَمَّ بِهَا اضطَرَبَت ، فَقالَ لَها : ما لَكِ تَضطَرِبينَ؟ فَقالَت : أفرَقُ ٤ مِن هذا ـ وأومَأَت بِيَدِها إلَى السَّماءِ ـ قالَ : فَصَنَعتِ مِن هذا شَيئا؟ قالَت : لا وَعِزَّتِهِ. قالَ : فَأَنتِ تَفرَقينَ مِنهُ هذَا الفَرَقَ ولَم تَصنَعي مِن هذا شَيئا ، وإنَّما أستَكرِهُكِ استِكراها! فَأَنَا وَاللّه أولى بِهذَا الفَرَقِ وَالخَوفِ وأحَقُّ مِنكِ.
قالَ : فَقامَ ولَم يُحدِث شَيئا ، ورَجَعَ إلى أهلِهِ ولَيسَت لَهُ هِمَّةٌ إلاَّ التَّوبَةُ وَالمُراجَعَةُ ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١. الأرَقُ : وهو السهر ، رجلٌ أرق إذا سهر لِعلّة ، فإن كان السهر من عادته قيل : اُرُقٌ بضمُ الهمزة والراء (النهاية : ج ١ ص ٤٠ «أرق»).
٢. يتزلزلون : أي يعدون ؛ من زلّ : إذا عدا (اُنظر : معجم مقاييس اللغة : ج ٣ ص ٤ «زلل»).
٣. الدعاء للطبراني : ص ٧٤ ح ١٨٧ عن الحارث عن الإمام عليّ عليهالسلام ، مجمع الزوائد : ج ٨ ص ٢٦٤ ح ١٣٤١٥ نقلاً عن البزّار عن الإمام عليّ عليهالسلام ، كنز العمّال : ج ١٥ ص ١٧٢ ح ٤٠٤٧٦.
٤. الفَرَق : الخوف والفزع (النهاية : ج ٣ ص ٤٣٨ «فرق).