الأولي : وجوب معرفة الله تعالي التي هي اللطف.
الثانية : معرفة ما صنع بك من النعم التي يتعين عليك لأجلها الشكر والعبادة.
الثالثة : أن تعرف ما أراد منك فيما أوجبه عليك ، وندبك الي فعله لتفعله علي الحد الذي أراده منك ، فتستحق بذلك الثواب.
الرابعة : أن تعرف الشيء الذي يخرجك عن طاعة الله فتجتنبه (١).
وبديهي أن الامام قد أراد بهذا العلم ذلك العلم الروحي ، وغايته أن ينبع من المعرفة الداخلية للانسان ، وهو العلم الالهي الذي يقف بالانسان علي الحقيقة ، فتصقل بها روحه ، ويمسك بها عمله ، ويتعلق بأضوائها ضميره. فهو يتحدث عن العلم ويريد غايته.
ولهذا نجد الامام يحث علي العلم ، ويفضله علي العبادة الساذجة ، فيقول : «فقيه واحد ... أشد علي ابليس من ألف عابد ، لأن العابد همه نفسه فقط ، والفقيه همه مع ذات نفسه ذات عباد الله وارضائه ... ولذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد ، وألف ألف عابد» (٢).
ويعلل الامام قبول العمل مع العلم ، ورده مع الجهل ، فيقول :
«قليل العمل من العالم مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوي والجهل مردود» (٣).
وكان من غرر أقواله ، وعجيب نصائحه ، وبليغ وصاياه قوله : «محادثة العالم علي المزابل خير من محادثة الجاهل علي الزرابي» (٤).
والمزابل معروفة وهي مجتمع النفايات ، والزرابي هي البسط والفرش
_________________
(١) الاربلي / كشف الغمة ٣ / ٤٨.
(٢) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ١٠٧ عن الاحتجاج / ٢١٥.
(٣) الكليني / الكافي ١ / ١٧.
(٤) المصدر نفسه ١ / ٣٩.