جناح (بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) أي : حيث تطلع الشمس من قبل المشرق.
وقيل : «بالأفق المبين» ؛ أقطار السماء ونواحيها.
قال الماورديّ : فعلى هذا ففيه ثلاثة أقوال :
الأول : أنه رآه في الأفق الشرقيّ. قاله سفيان.
الثاني : في أفق السماء الغربي ، حكاه (١) ابن شجرة.
الثالث : أنه رآه نحو «أجياد» ، وهو مشرق «مكة» ، قاله مجاهد (٢).
وقيل : إنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم رأى ربه ـ عزوجل ـ بالأفق المبين ، وهو قول ابن مسعود وقد تقدم ذلك في سورة «والنجم».
وفي «المبين» قولان :
أحدهما : أنه صفة للأفق ، قاله الربيع.
الثاني : أنّه صفة لمن رآه ، قاله مجاهد.
قوله تعالى : (وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ).
قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، والكسائي (٣) : بالظاء ، بمعنى متهم ، من ظن بمعنى : اتهم ، فيتعدى لواحد.
وقيل : معناه بضعيف القوة عن التبليغ من قولهم : «بئر ظنون» أي : قليلة الماء ، والظّنّة التهمة ، واختاره أبو عبيدة وفي مصحف عبد الله (٤) كذلك.
والباقون : بالضاد ، بمعنى : بخيل بما يأتيه من قبل ربّه ، من ضننت بالشيء أضنّ ضنّا ، يعني : لا يكتمه كما يكتم الكاهن ذلك ، ويمتنع من إعلامه حتى يأخذ عليه حلوانا ، إلا أنّ الطبري قال : بالضاد خطوط المصاحف كلها.
وليس كذلك لما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ بها ، وهذا دليل على التمييز بين الحرفين خلافا لمن يقول : إنه لو وقع أحدهما موقع الآخر بحال لجاز لعسر معرفته ، وقد شنّع الزمخشريّ على من يقول ذلك ، وذكر بعض المخارج ، وبعض الصفات بما يطول ذكره (٥).
__________________
(١) في ب : قاله.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٧٢) عن مجاهد وينظر تفسير الماوردي (٦ / ٢١٨) والقرطبي (١٩ / ١٥٧).
(٣) ينظر : السبعة ٦٧٣ ، والحجة ٦ / ٣٨٠ ، وإعراب القراءات ٢ / ٤٤٦ ، وحجة القراءات ٧٥٢.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٧١٣ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٤٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٢٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٨٧.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٧١٣.