وقال محمد بن كعب : إنه القلب ومراقه ، وما يليه (١).
وقال عكرمة : إنّ الوتين إذا قطع لا إن جاع عرف ولا إن شبع عرف (٢).
قال ابن قتيبة : ولم يرد أنا نقطعه بعينه ، بل المراد أنه لو كذب لأمتناه فكان كمن قطع وتينه.
ونظيره قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما زالت أكلة خيبر تعاودني ، فهذا أوان انقطاع أبهري» «والأبهر» : عرق متصل بالقلب فإذا انقطع مات صاحبه ، فكأنه قال : هذا أوان يقتلني السّم ، وحينئذ صرت كمن انقطع أبهره.
قوله : (فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ).
في «حاجزين» وجهان :
أحدهما : أنه نعت ل «أحد» على اللفظ ، وإنما جمع المعنى ، لأن «أحدا» يعمّ في سياق النفي كسائر النكرات الواقعة في سياق النّفي ، قاله الزمخشري والحوفيّ.
وعلى هذا فيكون «منكم» خبرا للمبتدأ ، والمبتدأ في «أحد» زيدت فيه «من» لوجود شرطها.
وضعفه أبو حيّان (٣) : بأن النفي يتسلّط على كينونته «منكم» ، والمعنى إنما هو على نفي الحجز عما يراد به.
والثاني : أن يكون خبرا ل «ما» الحجازية ، و (مِنْ أَحَدٍ) اسمها ، وإنما جمع الخبر لما تقدم و «منكم» على هذا حال ، لأنه في الأصل صفة ل «أحد» أو يتعلق ب «حاجزين» ولا يضر ذلك لكون معمول الخبر جارا ، ولو كان مفعولا صريحا لامتنع ، لا يجوز : «ما طعامك زيدا آكلا» ، أو متعلق بمحذوف على سبيل البيان ، و «عنه» يتعلق ب «حاجزين» على القولين ، والضمير للمقتول ، أو للقتل المدلول عليه بقوله : «لأخذنا ، لقطعنا».
قال القرطبيّ (٤) : المعنى فما منكم قوم يحجزون عنه لقوله تعالى (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) [البقرة : ٢٨٥] هذا جمع لأن «بين» لا تقع إلا على اثنين فما زاد ، قال عليه الصلاة والسلام : «لم تحلّ الغنائم لأحد سود الرّءوس قبلكم».
لفظه واحد ، ومعناه الجمع ، و «من» زائدة.
والحجز : المنع ، و «حاجزين» يجوز أن يكون صفة ل «أحد» ، على المعنى كما
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤١٤) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٠٦.
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ١٨٠.