الثاني : أن يكون من أكرم ما يمكنه ؛ ولا يخرج الرديء كقوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [البقرة : ٢٦٧].
الثالث : أن يتصدق به وهو يحبّه ، ويحتاج إليه لقوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢] وقوله : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) [البقرة : ١٧٧].
وقال عليه الصلاة والسلام «أفضل الصّدقة أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش ولا تمهل حتّى إذا بلغت التّراقي قلت : لفلان كذا ، ولفلان كذا» (١).
الرابع : أن تصرف صدقته إلى الأحوج فالأحوج ، ولذلك خص تعالى أقواما بأخذها ، وهو أهل المبهمات.
الخامس : أن تخفي الصّدقة لقوله تعالى : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ٢٧١].
السادس : ألّا يتبعها منّا ولا أذى ، لقوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) [البقرة : ٢٦٤].
السابع : أن يقصد بها وجه الله تعالى ، ولا يرائي لقوله تعالى : (إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل : ٢٠].
الثامن : أن يستحقر ما يعطي وإن كثر ؛ لأن الدّنيا كلها قليلة ، قال تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر : ٦] في أحد التأويلات.
التاسع : أن يكون من أحبّ الأموال إليه ، وأن يكون كثيرا لقوله عليه الصلاة والسلام «أفضل الرّقاب أغلاها وأنفسها عند أهلها» (٢).
العاشر : ألا يرى عزّ نفسه ، وذلّ الفقير ، بل يكون الأمر بالعكس.
(فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) يعني الجنّة.
قوله تعالى : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ).
فيه أوجه (٣) :
أحدها : أنه معمول للاستقرار العامل في «له أجر» أي : استقر له أجر في ذلك اليوم.
__________________
ـ أبواب الطهارة ، باب : لا تقبل صلاة بغير طهور (١) ، وابن ماجه ١ / ١٠٠ ، كتاب الطهارة ، باب : لا يقبل صلاة بغير طهور (٢٧١) وأبو داود ١ / ١٦ ، كتاب الطهارة ، باب : فرض الوضوء (٥٩).
(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٥.