ينتصب (١)؟ وأما إذا كان بدلا فهو من بدل الظاهر من المضمر. وهو مسألة خلاف (٢). والصحيح المنع.
قال شهاب الدين : العجب كيف يقول : فعلى ماذا ينتصب؟ وانتصابه من وجهين :
أظهرهما : أن يكون عطف بيان وعطف البيان يصدق عليه أنه مفسّر. وهي عبارة شائعة.
الثاني : أن ينتصب بإضمار «أعني» وهي عبارة شائعة أيضا يسمون مثل ذلك تفسيرا(٣).
وقد منع أبو البقاء أن ينتصب «الجزاء الأوفى» على المصدر فقال : «الجزاء الأوفى» هو مفعول «يجزاه» (٤) وليس بمصدر ؛ لأنه وصفه بالأوفى وذلك من صفة المجزيّ به لا من صفة الفعل (٥).
قال شهاب الدين : وهذا لا يبعد عن الغلط ؛ لأنه يلزم أن يتعدى «يجزى» إلى ثلاثة مفاعيل ؛ لأن الأول قام مقام الفاعل (٦) والثاني «الهاء» التي هي ضمير السعي ، والثالث «الجزاء الأوفى». وأيضا فكيف ينتظم المعنى؟ وقد يجاب عنه بأنّه أراد أنه بدل من الهاء ، كما تقدّم عن الزمخشريّ.
ويصح أن يقال : هو مفعول «يجزاه» فلا يتعدى لثلاثة حينئذ إلا أنه بعيد عن غرضه. ومثل هذا إلغاز.
__________________
(١) في البحر : فعلى ماذا انتصابه؟
(٢) منع ابن مالك إبدال المضمر من الظاهر بدل كل ، قال : لأنه لم يسمع من العرب لا نثرا ولا نظما ولو سمع لكان توكيدا لا بدلا ، وأجازه الأصحاب نحو : رأيت زيدا أباه وفي جواز بدل البعض والاشتمال خلف قيل : يجوز نحو ثلث التفاحة أكلت التفاحة إياه وحسن الجارية أعجبني الجارية هو. وقيل : يمنع قال أبو حيان : وهو كالخلاف في إبدالهما مضمرا من مضمر ومقتضاه ترجيح المنع على رأيه. وقد نقل الأشموني في باب البدل ما معناه يجوز إبدال الظاهر من الظاهر ومن ضمير الغائب ولا يجوز أن يبدل الظاهر من ضمير المتكلم أو المخاطب «إلا ما إحاطة جلا» أي إلا إذا كان البدل بدل كل فيه الإحاطة نحو : «تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا» ، فإن لم يكن فيه معنى الإحاطة ففيه ثلاثة مذاهب أولها : المنع وهو مذهب البصرة ، والثاني : الجواز وهو قول الأخفش والثالث : أنه يجوز في الاستثناء نحو : ما ضربتكم إلا زيدا وهو قول قطرب. ولا يبدل الظاهر من المضمر كذلك إلا إذا اقتضى بعضا أو اشتمالا أي كان بدل بعض أو اشتمال نحو : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ، وقوله :
بلغنا السّماء مجدنا وسناؤنا |
|
.......... |
وانظر بتصرف الهمع ٢ / ١٢٨ وحاشية الصبان على الأشموني ٣ / ١٢٨ و ١٢٩ و ١٣٠ والتسهيل ١٧٢.
(٣) انظر الدر المصون للسمين مخطوط بمكتبة الإسكندرية لوحة رقم ١١٧.
(٤) فيكون مفعولا ثانيا والأول الهاء.
(٥) التبيان ١١٩٠.
(٦) وهو نائب الفاعل.