وإحسانا وأن كل ما وصل إليه العبد من الخلاص عن النار والفوز بالجنّة ، فإنما يحصل بفضل الله تعالى ، ثم قال : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وهذا يدل على أن الفضل أعلى من درجات الثواب المستحق ، لأنه وصفه بكونه فوزا عظيما ، وأيضا فإن الملك العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ، ثم خلع على إنسان آخر ، فإن تلك الخلعة أعلى حالا من إعطاء تلك الأجرة. ولما بين الله تعالى الدلائل وشرح الوعد والوعيد قال : (فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) أي سهّلنا القرآن ، كناية عن غير مذكور «بلسانك» أي بلغتك. والباء للمصاحبة (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) يتّعظون. قال القاضي : وهذا يدل على أنه أراد من الكل الإيمان ولم يرد من أحد الكفر. وأجيب : بأن الضمير في قوله : (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) عائد إلى أقوام مخصوصين فيحمل ذلك على المؤمنين.
قوله : «فارتقب» أي فانتظر ما يحلّ بهم (إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ) لما يحلّ بك. فمفعولا الارتقاب محذوفان أي فارتقب النصر من ربك إنهم مرتقبون بك ما يتمنونه من الدوائر والغوائل ولن يضرك ذلك (١).
روى أبو هريرة : (رضي الله (٢) عنه) قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من قرأ حم الدخان في ليله (٣) أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك (٤). رواه البغوي (٥)(٦) في تفسيره. وروى الثّعلبيّ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له. وقال أبو أمامة ـ رضي الله عنه ـ سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (يقول) (٧) : من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة أو يوم الجمعة بنى الله له بيتا في الجنة (٨).
(اللهم أسعدنا بعظيم فضلك ، وارحمنا برحمتك) (٩). (والله (١٠) ـ تعالى ـ أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب).
__________________
(١) وانظر فيما مضى تفسير الإمام الفخر الرازي ٢٧ / ٢٥٥ و ٢٥٤ وانظر الكشاف ٣ / ٥٠٧ و ٥٠٨.
(٢) زيادة من أعن ب.
(٣) في ب ليلة.
(٤) الإتقان للسيوطي ٢ / ١٩٦ وفتح القدير ٤ / ٥٦٩ ومجمع البيان ٩ / ٩١ والسراج المنير ٣ / ٥١٢.
(٥) رواه الإمام البغوي في معالم التنزيل الجزء الخامس نهاية تلك السورة.
(٦) انظر الثلاثة المراجع الأخيرة السابقة والبيضاوي ٢ / ٢٠٧.
(٧) سقط من ب.
(٨) انظر السراج المنير وفتح القدير ، ومجمع البيان السوابق.
(٩) ما بين القوسين الأولين زيادة من أ.
(١٠) ما بين القوسين الأخيرين زيادة من ب.