٤١٣١ ـ فأيّي ما وأيّك كان شرّا |
|
فقيد إلى المقامة لا يراها (١) |
وقول حسان ـ رضي الله عنه ـ :
٤١٣٢ ـ أتهجوه ولست له بكفء |
|
فشرّكما لخيركما الفداء (٢) |
مع العلم لكل أحد أنه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خير خلق الله كلهم.
الثالث : أنه من باب اللف والنشر والتقدير : وإنّا لعلى هدى وإنّكم لفي ضلال مبين ولكن لفّ الكلامين وأخرجهما كذلك لعدم اللبس (٣) ، وهذا لا يتأتي إلا أن تكون «أو» بمعنى الواو. وهي مسألة خلاف (٤) ومن مجيء «أو» بمعنى الواو قوله :
٤١٣٣ ـ قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم |
|
ما بين ملجم مهره أو سافع (٥) |
وتقدم تقرير هذا (٦) ، وهذا الذي ذكرناه منقول عن أبي عبيدة (٧).
__________________
(١) البيت من الوافر وهو للعباس بن مرداس ، والمقامة : من غير الثلاثي المجلس وجماعة الناس ويروى «فسيق» بدل «فقيد». وكلا الفعلين مبني للمجهول ثلاثيا ، وجيء بالبيت على معنى أينا يستحق العمى ويقاد إلى المجلس وهو لا يشك أن المخاطب يستحق ذلك ولكن على الاستدراج حتى يصغى المخاطب إلى ما يلقيه إليه ولأن هذا قصده أفرد «أي» والمشهور إضافتها إليهما معا. وقد تقدم.
(٢) هو له من بحر الطويل من قصيدة يخاطب أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ويهجوه ، ويروي : «ندّ» بدل كفء و «شر» و «خير» اسما تفضيل على غير بابهما والأصل : «أخير وأشرر» وجيء بالبيت كسابقه شاهدا على الاستدراج فلم يشك أحد أن المصطفى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خير خلق الله كلهم وقد تقدم.
(٣) قاله في الدر المصون ٤ / ٤٣٩ واللف والنشر منه ما هو مرتب ومنه ما هو غير مرتب والنوع الثاني غير المراد هنا واللف والنشر : ذكر متعدد على جهة التفصيل أو الإجمال ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين تركا للسامع. قاله في بغية الإيضاح ٤ / ٣٤.
(٤) مسألة مجيء «أو» بمعنى الواو تكلم فيها كثيرا وقد قال عنها ابن هشام في المغني : وقيل : إن «أو» بمعنى الواو ويؤيده قول المفسرين : أنها نزلت في رجل أنصاري طلق امرأته قبل المسيس وقبل الفرض. وقال السيوطي في الهمع عن هذه الآية التي معنا : «أو» بمعنى الإبهام على السامع. انظر :
المغني ٦٦ ، والهمع ٢ / ١٣٤. ونقل ابن جني في الخصائص أن «أو» من الإمكان أن تأتي بمعنى الواو أحيانا مقررا أنه ليس في كل المواضع أن يكون الحرف بدل الحرف قال وذهب قطرب إلى أن «أو» قد تكون بمعنى الواو وأنشد بيت النابغة :
.......... |
|
إلى حمامتنا أو نصفه فقد |
فقال معناه : ونصفه ولعمري إن كذا معناه وكيف لا يكون كذلك ولا بدّ منه وقد كثرت فيه الرواية أيضا و «نصفه» ثم يقول : لكن هناك مذهب يمكن معه أن يبقى الحرف على أصل وضعه من كون الشك فيه. ويقول : فقول الله سبحانه (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) فلا يكون فيه «أو» على مذهب الفراء بمعنى بل ولا على مذهب قطرب في أنها بمعنى الواو. انظر : الخصائص ٢ / ٢٦٠ و ٤٦١.
(٥) روي : «من» بدل «ما» و «مسرح» بدل «سافع» وهو لحميد بن ثور من الكامل ونسبه الزمخشري إلى عمرو بن معد يكرب. وقد تقدم.
(٦) عند قول الله : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) من الآية ١٩ البقرة.
(٧) قاله في المجاز ٢ / ١٤٨ قال : «مجازه : إنا لعلى هدى وإياكم إنكم في ضلال مبين لأن العرب تضع «أو» في موضع واو المبالاة».