قوله : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ) أي الذي ذكرت لحق أي لا بدّ وأن يتكلموا به ، ثم بين ذلك الذي حكاه عنهم فقال : (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) العامة على رفع «تخاصم» مضافا «لأهل» وفيه أوجه :
أحدها : أنه بدل من «لحقّ» (١).
الثاني : أنه عطف بيان (٢).
الثالث : أنه بدل من «ذلك» على الموضع حكاه مكي (٣) وهذا يوافق قول بعض الكوفيين.
الرابع : أنه خبر ثان ل «إنّ» (٤).
الخامس : أنه خبر مبتدأ مضمر (٥) أي هو تخاصم.
السادس : أنه مرفوع بقوله : «لحقّ» (٦) إلا أن أبا البقاء قال : ولو قيل : هو مرفوع «بحق» (٧) لكان بعيدا لأنه يصير جملة ولا ضمير فيها يعود على اسم «إنّ» (٨) ، وهذا رد صحيح (٩). وقد يجاب عنه بأن الضمير مقدر أن لحقّ تخاصم أهل النار فيه (١٠) ، كقوله : (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى : ٤٣] أي منه ، وقرأ ابن محيصن بتنوين «تخاصم» (١١) ورفع «أهل» فرفع «تخاصم» على ما تقدم ، وأما رفع «أهل» فعلى الفاعلية بالمصدر المنون كقولك : «يعجبني تخاصم الزيدون» أي (أن) (١٢) تخاصموا وهذا قول البصريّين ، وبعض الكوفيين خلا الفراء(١٣) ، وقرأ ابن أبي عبلة تخاصم بالنصب مضافا «لأهل» (١٤) وفيه أوجه :
__________________
(١) في ب : الحق وانظر : البيان ٢ / ٢١٩ والسمين ٤ / ٦٢٣ ، والتبيان ١١٠٦ والمشكل ٢ / ٢٥٥.
(٢) الدر المصون ٤ / ٦٢٣.
(٣) المشكل المرجع السابق والبيان والدر المرجعين السابقين.
(٤) البيان ٢ / ٣١٩ والمشكل ٢ / ٢٥٥ والدر المصون ٤ / ٦٢٣.
(٥) التبيان ١١٠٦ بالإضافة إلى المراجع السابقة.
(٦) قاله أبو البقاء في التبيان ناقلا له ١١٠٦ وذكره السمين ٤ / ٦٢٣.
(٧) في التبيان «لحق» باللام.
(٨) التبيان ١١٠٦.
(٩) في ب : صريح والتصحيح من أ.
(١٠) قاله السمين في الدر ٤ / ٦٢٣.
(١١) ذكرها أبو حيان في بحره ٧ / ٤٠٧ والسمين في المرجع السابق.
(١٢) كلمة أن سقطت من ب.
(١٣) قد سبقت هذه القضية ورفع الكلمة على الفاعلية بالمصدر اختيار الأخفش ومن تبعه ووافقه الشلوبين إلا أن الجمهور أولوا المصدر المنون بالمبني للمفعول وما بعده على النيابة عن الفاعل نحو المثال الذي هنا تخاصم أهل النار ونحو : «عجبت من ضرب زيد» ووافق أبو حيان الجمهور في رأيه إن لزم البناء للمجهول فعل المصدر نحو عجبت من جنون بالعلم زيد بخلاف ما ليس كذلك. (بتصرف من الهمع ٢ / ٩٤).
(١٤) الكشاف ٣ / ٣٨٠ بدون نسبة ونسبت في البحر ٧ / ٤٠٧.