طرف اللسان وأصول الثنايا يسمعان في الهمس والمدغم فيه يزيد على المدغم بالإطباق والصّفير وإدغام الأنقص في الأزيد حسن ولا يجوز أن يدغم الأزيد صوتا في الأنقص. وأيضا إدغام التاء في الزاي في قوله : (فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) حسن لأن التاء مهموسة والزاي مجهورة وفيها زيادة صفير كما كان في الصاد. وأيضا حسن إدغام التاء في الذال في قوله : (فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) لاتفاقهما في أنهما من طرف اللسان وأصول الثنايا. وأما من قرأ بالإظهار فلاختلاف المخارج (١) ومفعول (٢) «الصّافّات» «والزّاجرات» غير مراد إذ المعنى الفاعلات لذلك (٣). وأعرب أبو البقاء «صفّا» مفعولا به على أنه قد يقع على المصفوف (٤). وهذا ضعيف (٥) ، وقيل : هو مراد والمعنى والصافات أنفسها وهم الملائكة (٦) ، أو المجاهدون أو المصلون أو الصافات أجنحتها وهي الطير ، كقوله (٧) : (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) [النور : ٤١] والزاجرات : السحاب أو العصاة إن أريد بهم العلماء (٨) ، والزجر الدفع بقوة وهو قوة التصويت وأنشد :
٤١٨٩ ـ زجر أبي عروة السّباع إذا |
|
أشفق أن يختلطن بالغنم (٩) |
وزجرت الإبل والغنم إذا فزعت من صوتك (١٠). وأما «والتّاليات» فيجوز أن يكون «ذكرا» مفعوله (١١) ، والمراد بالذكر القرآن وغيره من تسبيح وتحميد ، ويجوز أن يكون «ذكرا» مصدرا أيضا من معنى التّاليات ، وهذا أوفق لما قبله (١٢). قال الزمخشري : الفاء في «فالزاجرات» (وفي) فالتاليات إما أن تدل على ترتيب معانيها في الوجود كقوله (١٣) :
__________________
(١) قاله في البسيط ونقله عنه الإمام الفخر الرازي في تفسيره ٢٦ / ١١٤.
(٢) في ب : والمفعول بألف ولام وهو غير جائز نحويا.
(٣) قاله السمين في الدر ٤ / ٥٣٦.
(٤) التبيان له ١٠٨٧.
(٥) هذا قول السمين في الرد على أبي البقاء ولا أعلم سببا لضعفه.
(٦) انظر : القرطبي ١٥ / ٦١ ٦٢ وزاد المسير ٧ / ٤٤.
(٧) في ب : لقوله.
(٨) الكشاف ٣ / ٣٣٣ و ٣٣٤ وانظر : المرجعين السابقين أيضا والدر المصون ٤ / ٥٣٦.
(٩) من المنسرح وهو للنابغة الجعدي وأتى به تبيينا على أن الزجر هو الصوت بقوة وذلك لأن زجر الضواري لا يكون إلا برفع الصوت بصورة تخيفها. وانظر : الكشاف ٣ / ٣٣٨ والبحر ٧ / ٣٥٠ والكامل للمبرد ٢ / ١٦٥ والدر المصون ٤ / ٥٣٧ وشرح شواهد الكشاف ٥٣٨ ، وديوانه ١٥٨ وفتح القدير ٤ / ٣٨٦.
(١٠) اللسان : «ز ج ر» ١٨١٣ وفي الديوان «يلتبس».
(١١) أي مفعول «التاليات» لأنه وصف يعمل عمل الفعل فهو اسم فاعل والفاعل مستتر فيه «هي». وانظر في الإعراب السمين ٤ / ٥٣٧.
(١٢) المرجع السابق فيكون منصوبا على أنه مفعول مطلق و «ذكرا» على تلك الحال مما ناب عنه فاللفظ مختلف والمعنى متحد.
(١٣) من السريع وهو لابن زيابة. و «لهف» منادى وهي كلمة تحسر. و «زيابة» أم الشاعر. والصابح : الذي ـ