عليه فحمزة يميل ألفه الأخيرة ، لأنها (١) طرف منقلبة عن ياء. ومن ضرورة إمالتها إمالة فتحة الهمزة المسهلة ، لأنه إذا وقف على مثل هذه سهلها على مقتضى مذهب ، وأمال الألف الأولى إتباعا لإمالة فتحة الهمزة. ومن ضرورة إمالتها إمالة فتحة الراء قبلها ، وهذا هو الإمالة لإمالة (٢). وغيره من القراء لا يميل شيئا من ذلك. وقياس مذهب الكسائي أن يميل الألف الأخيرة ، وفتحة الهمزة قبلها (٣) ، وكذا نقله ابن الباذش (٤) عنه وعن حمزة (٥).
وإن وصل فإن الألف الأخيرة تذهب لالتقاء الساكنين ، ولذهابها تذهب إمالة فتحة الهمزة ، وتبقى إمالة الألف الزائدة (٦) ، وإمالة فتحة الراء قبلها عنده اعتدادا بالألف المحذوفة ، وعند ذلك يقال : حذف السبب وبقي المسبب ؛ لأن إمالة الألف الأولى إنما كان لإمالة الألف الأخيرة [كما تقدم تقريره ، وقد ذهبت الأخيرة](٧) فكان ينبغي ألا تمال الأولى لذهاب (٨) المقتضي لذلك ، ولكنه راعى المحذوف وجعله في قوة المنطوق (٩) ؛ ولذا تجرأ عليه أبو حاتم فقال : وقراءة هذا الحرف بالإمالة محال (١٠). وقد تقدم في الأنعام عند (رَأَى الْقَمَرَ)(١١) و (رَأَى الشَّمْسَ)(١٢) ما يشبه هذا العمل (١٣).
قوله : (لَمُدْرَكُونَ). العامة على سكون الدال ، اسم مفعول من «أدرك» أي : لملحقون. وقرأ الأعرج وعبيد بن عمرو (١٤) بفتح الدال مشددة وكسر الراء (١٥).
__________________
(١) في الأصل : لأن. وهو تحريف.
(٢) انظر الحجة لابن خالويه (٢٦٧ ـ ٢٦٨) ، الكشف ١ / ١٩١ ـ ١٩٢.
(٣) انظر الحجة لابن خالويه (٢٦٨) ، الكشف ١ / ١٩١.
(٤) هو أحمد بن علي بن أحمد خلف ، أبو جعفر بن الباذش ، الأنصاري الغرناطي ، أستاذ كبير ، وإمام محقق ، ألف كتاب الإقناع في السبع ، وكتاب الطرق المتداولة في القراءات قرأ على أبيه ، وعبد الله بن أحمد الهمداني الجياني ، وشريح بن محمد ، وغيرهم ، قرأ عليه أحمد بن علي بن حكيم الغرناطي ، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري ، مات سنة ٥٤٠ ه ، وقيل : سنة ٥٤٢ ه. طبقات القراء ١ / ٨٣.
(٥) قال أبو حيان (وقال الأستاذ أبو جعفر أحمد ابن الأستاذ أبي الحسن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري هو ابن الباذش في كتاب الإقناع من تأليفه : (تراءى الجمعان) في الشعراء ، إذا وقف حمزة والكسائي أمالا الألف المنقلبة عن لام الفعل ، وحمزة يميل (تفاعل) وصلا ووقفا لإمالة الألف المنقلبة ، ففي قراءته إمالة الإمالة ، وفي هذا الفعل وفي (راءى) إذا استقبله ألف وصل لمن أمال للإمالة حذف السبب وإبقاء المسبب ، كما قالوا : صعقيّ في النسب إلى الصّعق) البحر المحيط ٧ / ١٩ ـ ٢٠.
(٦) في ب : والزائدة. وهو تحريف.
(٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(٨) الأولى : سقط من الأصل.
(٩) انظر الكشف ١ / ١٩١ ـ ١٩٢.
(١٠) انظر تفسير ابن عطية ١١ / ١١٦ ، البحر المحيط ٧ / ١٩.
(١١) من قوله تعالى :«» [الأنعام : ٧٧].
(١٢) من قوله تعالى : «فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ» [الأنعام : ٧٨].
(١٣) انظر اللباب ٣ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣.
(١٤) في ب : عمر. وفي المختصر ، والمحتسب ، وتفسير ابن عطية ، والبحر المحيط : عبيد بن عمير.
(١٥) المختصر (١٠٧) ، المحتسب ٢ / ١٢٩ ، تفسير ابن عطية ١١ / ١١٥ ، البحر المحيط ٧ / ٢٠ ، وضبطها ابن خالويه ، وأبو حيان بكسر الراء ، وابن جني ، وابن عطية بفتح الراء.