وقرأ حمزة والكسائي : «لعبادي» بسكون الياء ، والباقون (١) بفتح الياء لالتقاء الساكنين.
قوله : (سِرًّا وَعَلانِيَةً) في نصبهما ثلاثة أوجه :
أحدها : أنّهما حالان مما تقدم ، وفيهما الثلاث التأويلات في : زيد عدل ، أي : ذوي سرّ ، وعلانية ، أو مسرّين ومعلنين ، أو جعلوا نفس السر والعلانية مبالغة.
الثاني : أنهما منصوبان على الظرف ، أي : وقتي سر وعلانية.
الثالث : أنهما منصوبان على المصدر ، أي : إنفاق سرّ ، وإنفاق علانية.
قوله : (مِنْ قَبْلِكُمْ) متعلق ب : «يقيموا» و «ينفقوا» أي : يفعلون ذلك قبل هذا اليوم.
وقد تقدّم خلاف القراء في : «لا بيع فيه ولا خلال».
والخلال : المخالة ، وهي المصاحبة ، يقال : خاللته خلالا ، ومخالّة ؛ قال طرفة : [السريع]
٣٢٢٥ ـ كلّ خليل كنت خاللته |
|
لا ترك الله له واضحه (٢) |
وقال امرؤ القيس : [الطويل]
٣٢٢٦ ـ صرفت الهوى عنهنّ من خشية الرّدى |
|
ولست بمقليّ الخلال ولا قال (٣) |
وقال الأخفش (٤) : خلال جمع ل «خلة» ، نحو «برمة وبرام».
فصل
قال مقاتل : يوم لا بيع فيه ، ولا شراء ، ولا مخاللة ، ولا قرابة. وقد تقدّم الكلام على نحو هذه الآية في البقرة [البقرة ٢٥٤].
فإن قيل : كيف نفى الخلة هاهنا وأثبتها في قوله : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٦٧]؟.
فالجواب : أن الآية الدّالة على نفي المخالة محمولة على نفي المخاللة بسبب ميل الطبع ، ورغبة النفس ، والآية الدّالة على حصول المخاللة ، محمولة على الخلّة الحاصلة بسبب عبودية الله ـ تعالى ـ ومحبّته.
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الآية لما وصف أحوال السعداء ،
__________________
(١) ينظر : الإتحاف ٢ / ١٦٩.
(٢) ينظر : الديوان / ١٥ ، التهذيب ٥ / ١٥٧ ، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٤ / ١١٤ ، اللسان (وضح) ، الدر المصون ٤ / ٢٧١.
(٣) ينظر : شرح ديوان الحماسة ٣ / ١٣٢١ ، البحر المحيط ٥ / ٤١٥ ، القرطبي ٩ / ٣٦٦ ، اللسان (خلل) ، إعراب القرآن للنحاس ٢ / ٣٧٠ ، الطبري ١٣ / ١٤٩ ، الدر المصون ٤ / ٢٧١.
(٤) ينظر : معاني القرآن للأخفش ٢ / ٣٧٦.