الأمر الثالث : ذكر علماؤنا (قدست أسرارهم) كما فصله المجلسي في البحار (١) : أنّ روايات اعتراض ذي الشمالين على النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بقوله : «أحدث في الصلاة شيء»؟ مضطربة المتون ، وقد نقلت بعدة صور ، فنقل أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) صلَّى خمس ركعات ، وفي مورد آخر أنّه صلَّى ركعتين ، وفي ثالث ثلاث ركعات ، ونقل العامة أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد نفى ذلك حينما سئل : «أنسيت أم قصرت الصلاة»؟ فقال : «إن كل ذلك لم يكن». أي أنّه صلَّى صلاة تامة صحيحة ، فقال له : بل غيرت في الصلاة ، وعلى بعض الروايات الأُولى والثانية أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) سأل بعد ذلك القوم فصدقوا ذا الشمالين ، وبعد هذا الحوار قام الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وأتى بباقي الصلاة ، ركعة أو ركعتين ، ولهذا رأى علماؤهم أن لا محيص من القول بعدم بطلان الصلاة بالكلام العمدي ، كما أنّه لهذه الجهة قال أئمتنا (عليهم السّلام) : حتى لو ذهب المصلي إلى الصين ثمّ رجع إلى مكانه يتم ما نقص من صلاته ، وليست جميع الأخبار بهذا النحو ، وعلى كل حال فهذا الاضطراب الحاصل في الخبر يسقطه عن الاعتبار.
الأمر الرابع : إن ذا اليدين شخص مجهول الحال ، ومقدار ما يعرف عنه من حياته أنّه رجل استشهد في غزوة بدر ، فلا يركن إلى الرواية.
قالوا : إنّ هناك رجلًا آخر اسمه ذو اليدين أيضاً وهو راوي الحديث.
قلنا : إن ذا اليدين المقتول في بدر يعرف بذي الشمالين وهو صاحب الواقعة في الحديث ، وقد أشار الإمام (عليه السّلام) في صحيحة الأعرج المتقدمة إلى أن ذا اليدين يدعى ذا الشمالين ، فذو اليدين الأوّل هو الذي يدعى ذا الشمالين وهو الذي قُتل في بدر وهو الذي سأله الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ، وهذا يعني أن ذا اليدين الأوّل المذكور في الحديث لا ربط له بذي اليدين الثاني ، فإنّ الثاني لا يسمى بذي الشمالين ، فالإمام (عليه السّلام)
__________________
١) بحار الأنوار : ج ١٧ ، ص ١١٤.