قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٨ ]

513/552
*

وقال الآخر في ذلك : [الكامل]

٢٣٨٣ ـ عهدي به شدّ النّهار كأنّما

خضب البنان ورأسه بالعظلم (١)

قوله : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) هما الآلة التي يكال بها ويوزن ، وأصل الكيل : المصدر ثم أطلق على الآلة ، و «الميزان» : مفعال من الوزن لهذه الآلة ؛ كالمصباح والمقياس لما يستصبح به ، وما يقاس به ، وأصل ميزان : موزان ففعل به ما فعل بميقات ، وقد تقدم في البقرة(٢).

و «بالقسط» حال من فاعل «أوفوا» أي : أوفوهما مقسطين ، أي : متلبّسين بالقسط ، ويجوز أن يكون حالا من المفعول ، أي : أوفوا الكيل والميزان متلبّسين بالقسط ، أي : تامّين ، والقسط العدل.

وقال أبو البقاء (٣) : «والكيل هنا مصدر في معنى المكيل ، وكذلك الميزان ، ويجوز أن يكون فيه حذف مضاف ، تقديره : مكيل الكيل وموزون الميزان» ، ولا حاجة إلى ما ادّعاه من وقوع المصدر موقع اسم المفعول ، ولا من تقدير المضاف ؛ لأن المعنى صحيح بدونهما ، وأيضا ف «ميزان» ليس مصدرا ، إلا أنه يعضّد قوله ما قاله الواحديّ ، فإنه قال : «والميزان ، أي : وزن الميزان ؛ لأن المراد إتمام الوزن ، لا إتمام الميزان ؛ كما أنّه قال : (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ) ولم يقل المكيال ، فهو من باب حذف المضاف» انتهى.

والظّاهر عدم الاحتياج إلى ذلك ، وكأنّه لم يعرف أن الكيل يطلق على نفس المكيال ، حتى يقول : «ولم يقل المكيال».

قوله : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً) معترض بين هذه الأوامر ، واعلم أنّ كلّ شيء بلغ تمام الكمال فقد وفي وتمّ ، يقال : درهم واف وكيل واف ، وأوفيته حقّه ووفيته ، إذا أتممته ، وأوفى الكيل ، إذا أتمّه ولم ينقص منه شيئا ؛ وكذلك وفى الميزان.

وقوله : «بالقسط» أي : بالعدل لا بخس ولا نقصان فيه.

فإن قيل : (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ) هو عين القسط ، فما فائدة التكرير؟

فالجواب : أن الله ـ تبارك وتعالى ـ أمر المعطي بإيفاء ذي الحقّ حقّه من غير نقصان ، وأمر صاحبه أن يأخذ حقّه من غير طلب زيادة ، ولما كان يجوز أن يتوهّم الإنسان أنه يجب على التّحقيق ، وذلك صعب شديد في العدل ، أتبعه الله ـ تعالى ـ بما يزيل هذا التّشديد ، فقال : (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) ، أي : الواجب [في إيفاء](٤) الكيل

__________________

(١) ينظر : ديوانه ، الخصائص ١ / ٨٦ شرح القصائد للتبريزي (٣٦٣) ، اللسان (شدد) الدر المصون ٣ / ٢١٧.

(٢) الآية : ١٨٩.

(٣) ينظر : الإملاء ١ / ٢٦٥.

(٤) سقط في ب.