قلنا : المراد به هنا الظن الحاصل من اتباع الهوى دون الظن الحاصل من النظر والاستدلال ، ويؤيده قوله تعالى قبل هذا (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) [النجم : ٢٣].
[١٠٤٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) [النجم : ٣٩] وقد صح في الأخبار وصول ثواب الصدقة والقراءة والحج وغيرها إلى الميت؟
قلنا : فيه وجوه :
أحدها : ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما أنها منسوخة بقوله تعالى : (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور : ٢١] ، معناه أنه أدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء ، قالوا وهذا لا يصح ؛ لأن الآيتين خبر ولا نسخ في الخبر.
الثاني : أنّ ذلك مخصوص بقوم إبراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام ، وهو حكاية ما في صحفهم ، فأمّا هذه الأمة فلها ما سعت وما سعي لها.
الثالث : أنه على ظاهره ، ولكن دعاء ولده وصديقه وقراءتهما وصدقتهما عنه من سعيه أيضا ؛ بواسطة اكتسابه للقرابة أو الصداقة أو المحبة من الناس بسبب التقوى والعمل الصالح.
[١٠٤٧] فإن قيل : كيف قال تعالى بعد تعديد النقم (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) [النجم : ٥٥] والآلاء النعم؟
قلنا : إنما قال سبحانه بعد تعديد النعم والنقم ، والنعم نعم لما فيها من الزّواجر والمواعظ فمعناه : فبأي نعم ربك الدالة على وحدانيته تشك يا وليد بن المغيرة؟