قلنا : طعم بمعنى أكل وبمعنى ذاق ، والذوق هو المراد هنا وهو يعم.
[٦١] فإن قيل : كيف خص موسى ، وعيسى من بين الأنبياء بالذّكر في قوله تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ) [البقرة : ٢٥٣] الآية؟
قلنا : لما أوتيا من الآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة مع الكتابين العظيمين المشهورين.
[٦٢] فإن قيل : كيف قال : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) [البقرة : ٢٥٤] ، وفي يوم القيامة شفاعة الأنبياء ، وغيرهم ، بدليل قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) [البقرة : ٢٥٥] ، وقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء : ٢٨] ، وقوله تعالى : (وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) [سبأ : ٢٣].
قلنا : هذه الآيات لا تدلّ على وجود الشفاعة يوم القيامة ؛ بل تدلّ على أنّها لا توجد ولا تنفع من غير إذنه ؛ ولا توجد لغير مرضيّ عنده. وهذا لا ينافي نفي وجودها ؛ بل المنافي له الإخبار عن وجودها ، لا الإخبار عن إمكان وجودها. ولو سلّم ، فالمراد به نفي شفاعة الأصنام والكواكب ، التي كانوا يعتقدونها ؛ ولهذا عرّض بذكر الكفّار ، بقوله تعالى : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ). وقيل : المراد أنه لا شفاعة في إثم ترك الواجبات ؛ لأنّ الشّفاعة ، في الآخرة ، في زيادة الفضل لا غير ؛ والخطاب ، مع المؤمنين ، في النفقة الواجبة ، وهي الزّكاة.
[٦٣] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [البقرة : ٢٥٤] على وجه الحصر وغيرهم ظالم أيضا؟
قلنا : لأنّ ظلمهم أشدّ ، فكأنّه لا ظالم إلّا هم ؛ نظيره : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) [فاطر : ٢٨].
[٦٤] فإن قيل : كيف قال الله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [البقرة : ٢٥٧] بلفظ المضارع ؛ ولم يقل أخرجهم بلفظ الماضي ؛ والإخراج قد وجد ؛ لأنّ الإيمان قد وجد؟
قلنا : لفظ المضارع فيه دلالة على استمرار ذلك الإخراج ، من الله تعالى ، في الزّمان المستقبل ؛ في حقّ من آمن ، بزيادة كشف الشبه ومضاعفة الهداية ؛ وفي حق من لم يؤمن ، ممّن قضى الله أنّه سيؤمن ، بابتداء الهداية وزيادتها ، أيضا. ولفظ الماضي لا يدلّ على هذا المعنى.
[٦٥] فإن قيل : متى كان المؤمنون في ظلمات الكفر ، والكافرون في نور الإيمان ليخرجوا من ذلك؟