[٥٥] فإن قيل : كيف قال : (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٢٧] وعزمهم الطلاق ممّا يعلم لا ممّا يسمع؟
قلنا : الغالب أن العزم على الطلاق وترك الفيء لا يخلو عن مقاولة ودمدمة وإن خلا عنها فلا بد له أن يحدّث نفسه ويناجيها بما عزم عليه ، وذلك حديث لا يسمعه إلا الله تعالى كما يسمع وسوسة الشيطان.
[٥٦] فإن قيل : كيف قال : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) [البقرة : ٢٢٨] ، ولا حق للنساء في الرجعة ، وأفعل يقتضي الاشتراك؟
قلنا : المراد أن الزوج إذا أراد الرجعة وأبت وجب إيثار قوله على قولها ؛ لأنّ لها حقّا في الرجعة.
[٥٧] فإن قيل : كيف قال تعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) [البقرة : ٢٢٨] والزوج أحق بالرجعة سواء أراد الإصلاح أو الإضرار بها بتطويل العدة؟
قلنا : المراد أن الرجعة أصوب وأعدل إن أراد الزوج الإصلاح ، وتركها أصوب وأعدل إن أراد الإضرار.
[٥٨] فإن قيل : كيف الجمع بين قوله تعالى : (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) [البقرة : ٢٤٣] وقوله تعالى : (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦].
قلنا : المراد بالآية الأولى إماتة العقوبة مع بقاء الأجل ، وبالآية الثانية الإماتة بانتهاء الأجل ، نظيره قوله تعالى في قصة موسى عليهالسلام : (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) [البقرة : ٥٦] لأنها كانت إماتة عقوبة ، أو كان إحياؤهم آية لنبيهم على ما عرف في قصتهم ، فصار كإحياء العزير حين مر على قرية وآيات الأنبياء نوادر مستثناة ، فكان المراد بالآية الثانية الموتة التي ليست بسبب آية نبي من الأنبياء أو إحياء قوم موسى آية له أيضا فكان هذا جوابا عاما ؛ مع أن في أصل السؤال نظرا لأن الضمير في قوله (لا يَذُوقُونَ) للمتقين وقوله فيها للجنات ، على ما يأتي بيانه ، في سورة الدخان ، إن شاء الله تعالى ، على وجه يندفع به السؤال من أصله.
[٥٩] فإن قيل : كيف قال : (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ) [البقرة : ٢٤٧] والله تعالى لا يؤتي ملكه أحدا؟
قلنا : المراد بهذا الملك السلطنة والرئاسة التي أنكروا إعطاءها لطالوت ، وليس المراد بأنه يعطي ملكه لأحد ؛ لأن سياق الآية يمنعه.
[٦٠] فإن قيل : كيف قال في الماء : (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) [البقرة : ٢٤٩] ولم يقل ومن لم يشربه ، والماء مشروب لا مأكول؟