وقال الكلبي : هم أحياء من اليمن ، ألفان من النّخع ، وخمسة آلاف من كندة وبجيلة ، وثلاثة آلاف من أفناء النّاس ، فجاهدوا في سبيل الله يوم القادسيّة في أيّام عمر ـ رضي الله عنه ـ ، وروي مرفوعا أن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ لما نزلت هذه الآية ، أشار إلى أبي موسى الأشعريّ وقال : «هم قوم هذا» (١) ، وقال آخرون : هم الفرس ؛ لأنه روي أنّ النّبيّ ـ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ـ لمّا سئل عن هذه الآية ضرب يده على عاتق سلمان الفارسيّ وقال : هذا وذووه (٢) ، ثمّ قال : لو كان الدّين معلّقا بالثّريّا لناله رجال من أبناء فارس (٣).
وقال قوم :
إنّها نزلت في عليّ ـ رضي الله عنه ـ (٤) ؛ لأنّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما دفع الراية إلى عليّ قال : لأدفعنّ الرّاية إلى رجل يحبّ الله ورسوله (٥).
قوله تعالى : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ).
هاتان أيضا صفتان ل «قوم» ، واستدلّ بعضهم على جواز تقديم الصّفة غير الصّريحة على الصّفة الصّريحة بهذه الآية ، فإن قوله تعالى : (يُحِبُّهُمْ) صفة وهي غير صريحة ؛ لأنّها جملة مؤوّلة بمفرد ، وقوله : «أذلّة ـ أعزّة» صفتان صريحتان ؛ لأنّهما مفردتان ، وأما غيره من النّحويّين فيقول : متى اجتمعت صفة صريحة ، وأخرى مؤوّلة وجب تقديم الصّريحة ، إلّا في ضرورة شعر ، كقول امرىء القيس : [الطويل]
١٩٨٥ ـ وفرع يغشّي المتن أسود فاحم |
|
أثيث كقنو النّخلة المتعثكل (٦) |
__________________
(١) أخرجه الطبري (٤ / ٦٢٤) والحاكم (٢ / ٣١٣) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٥ / ٣٥٢) والطبراني كما في «مجمع الزوائد» (٧ / ١٩) عن عياض الأشعري.
وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وقال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وذكره السيوطي في «الدر» (٢ / ٥١٨) وزاد نسبته لابن سعد وابن أبي شيبة في «مسنده» وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه.
(٢) ذكره الرازي في «التفسير الكبير» (١٢ / ١٨).
(٣) أخرجه البخاري ٨ / ٥١٠ في تفسير سورة الجمعة : باب قوله تعالى : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ (٤٨٩٧) وطرقه في (٤٨٩٨) ومسلم ٤ / ١٩٧٢ ، في فضائل الصحابة : باب فضل فارس (٢٣١ ـ ٢٥٤٦) والترمذي ٥ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، كتاب تفسير القرآن باب «من سورة الجمعة» (١٣١٠).
(٤) ينظر : تفسير الرازي (١٢ / ١٨).
(٥) أخرجه البخاري ٧ / ٨٧ ، كتاب فضائل الصحابة : باب مناقب علي بن أبي طالب (٣٧٠١) ومسلم ٤ / ١٨٧٢ كتاب فضائل الصحابة : باب من فضائل علي بن أبي طالب (٣٤ ـ ٢٤٠٦) ، وأحمد في المسند ٥ / ٣٣٣.
(٦) ينظر البيت في ديوانه (١٦) شرح القصائد العشر (٩٢) ، ومعاهد التنصيص ١ / ٩ ، والبحر المحيط ٣ / ٥٢٤ وروح المعاني ١ / ٢٠٤ والدر المصون ٢ / ٥٤٧.