وقيل : المراد بالباطل [هو](١) العقود الفاسدة ، وقوله (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) [يدخل فيه أكل مال الغير بالباطل](٢) وأكل مال نفسه بالباطل فيدخل فيه القسمان معا كقوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) يدل على النهي عن قتل غيره وقتل نفسه أما أكل مال نفسه بالباطل فهو إنفاقه في معاصي الله تعالى ، وأما أكل مال غيره بالباطل فقد عددناه.
قوله (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً) في هذا الاستثناء قولان :
أصحهما : أنه استثناء منقطع لوجهين :
أحدهما : أن التجارة لم تندرج في الأموال المأكولة بالباطل حتى يستثنى عنها سواء فسرنا الباطل بغير عوض ، أو بغير طريق شرعي.
والثاني : أن المستثنى كون ، والكون ليس مالا من الأموال.
الثالث (٣) : أنه متصل قيل : لأن المعنى لا تأكلوها بسبب إلا أن تكون تجارة.
قال أبو البقاء (٤) : وهو ضعيف ؛ لأنه قال : بالباطل ، والتجارة ليست من جنس الباطل ، وفي الكلام حذف مضاف تقديره : إلا في حال كونها تجارة ، أو في وقت كونها تجارة انتهى. ف «أن» تكون في محل نصب على الاستثناء ، وقد تقدم تحقيقه.
وقرأ الكوفيون (٥) تجارة نصبا (٦) على أن كان ناقصة ، واسمها مستتر فيها يعود على الأموال ، ولا بد من حذف مضاف من «تجارة» تقديره : إلا أن تكون الأموال أموال تجارة ، ويجوز أن يفسر الضمير بالتجارة بعدها أي : إلا أن تكون التجارة تجارة كقوله : [الطويل]
١٧٩٠ ـ .............. |
|
إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا (٧) |
أي إذا كان اليوم يوما ، واختار أبو عبيدة قراءة الكوفيين ، وقرأ الباقون (٨) «تجارة» رفعا على أنها «كان» التامة قال مكي (٩) : وأكثر كلام العرب أن قولهم (إِلَّا أَنْ تَكُونَ) في هذا الاستثناء بغير ضمير فيها يعود على معنى : يحدث ويقع ، وقد تقدم الكلام على ذلك في البقرة.
وقوله : (عَنْ تَراضٍ) متعلق بمحذوف لأنه صفة ل «تجارة» فموضعه رفع أو نصب
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) سقط في أ.
(٣) في أ : والثاني.
(٤) ينظر : الإملا ١ / ١٧٧.
(٥) يعني حمزة والكسائي وعاصم.
انظر : السبعة ٢٣١ ، والحجة ٣ / ١٥١ ، ١٥٢ ، وحجة القراءات ١٩٩ ، والعنوان ٨٤ ، وإعراب القراءات ١ / ١٣١ ، ١٣٢ ، وشرح الطيبة ٤ / ٢٠٣ ، وإتحاف ١ / ٥٠٩.
(٦) في ب : بالنصب.
(٧) تقدم.
(٨) ينظر : القراءة السابقة.
(٩) ينظر : الدر المصون ٢ / ٣٥٤.