وروى الواحديّ عن المبرد بسند متصل : محص الحبل يمحص محصا ـ إذا ذهب زئبره حتى يتملص ، وحبل محيص ومليص بمعنى واحد ، قال : ويستحب في الفرس أن تمحّص قوائمه أي : تخلّص من الرّهل.
[وأنشد ابن الأنباريّ على ذلك](١) ـ يص ف فرسا ـ : [البسيط]
١٦٣٤ ـ صمّ النّسور ، صحاح ، غير عاثرة |
|
ركّبن في محصات ملتقى العصب (٢) |
أي : في قوائم متجرّدات من اللحم ، ليس فيها إلا العظم والجلد.
قال المبرد : ومعنى قول الناس محّص عنا ذنوبنا : أذهب عنا ما تعلّق من الذنوب.
قال الواحديّ : «وهذا ـ الذي قاله المبرد ـ تأويل المحص ـ بفتح الحاء ـ وهو واقع ، والمحص ـ بسكون الحاء ـ «مصنوع» ـ وقال الخليل : يقال : محصت الشيء أمحصه محصا ـ إذا أخلصته من كل عيب». وفي جعله محصا ـ بتسكين الحاء ـ مصنوعا نظر ؛ لأن أهل اللغة نقلوه ساكنها ، وهو قياس مصدر الثلاثي. ومحصت السيف والسنان : جلوتهما حتى ذهب صدأهما.
قال أسامة الهذليّ : [الطويل]
١٦٣٥ ـ وشقّوا بممحوص السّفان فؤاده |
|
لهم قترات قد بنين محاتد (٣) |
أي : بمجلوّ ، ومنه استعير ذلك في وصف الحبل بالملاسة والبريق.
قال العجاج : [الرجز]
١٦٣٦ ـ شديد جلز الصّلب ممحوص الشّوى |
|
كالكرّ ، لا شخت ولا فيه لوى (٤) |
والشوى : الظهر ، قصره ضرورة ، سمع : فعلته حتى انقطع شواي ، أي : ظهري.
والمحق ـ في اللغة ـ النقصان.
وقال المفضّل : هو أن يذهب الشيء كلّه ، حتّى لا يرى منه شيء ، ومنه قوله تعالى : (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا) [البقرة : ٢٧٦] أي : يستأصله ، وقد تقدم الكلام عليه في البقرة.
__________________
(١) بدل ما بين المعكوفين في ب : قال الشاعر.
(٢) البيت لأبي دؤاد الإيادي ـ ينظر ديوانه (٢٨٥) والزاهر للأنباري ١ / ١٠٧ وأمالي القالي ٢ / ٣٠٥ والدر المصون ٢ / ٢١٧.
(٣) ينظر البيت في ديوان الهذليين ٢ / ٢٠٦ وشرح أشعار الهذليين ٣ / ٣٠٠ وتاج العروس ٤ / ٤٣٤ واللسان (حتد) والدر المصون ٢ / ٢١٧.
(٤) ينظر البيت في اللسان (محص) وتهذيب اللغة ٤ / ٢٧١ وتاج العروس ٤٥٥ / ٤٣٤ والدر المصون ٢ / ٢١٨ ورواية البيت في الديوان هكذا :
شديد جلز الصلب معصوب الشوى