فقال بعضهم : بالقتال مع المؤمنين.
وقال بعضهم : بل بتقوية نفوسهم ، وإشعارهم بأن النّصرة لهم ، وإلقاء الرعب في قلوب الكفار.
وقال أكثر المفسرين : إنهم لم يقاتلوا في غير بدر.
قوله : (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) معنى الكفاية : هو سدّ الخلة ، والقيام بالأمر.
يقال : كفاه أمر كذا ، أي : سدّ خلته.
والإمداد : إعانة الجيش بالجيش ، وهو في الأصل إعطاء الشيء حالا بعد حال.
قال المفضّل : ما كان على جهة القوة والإعانة ، قيل فيه : أمدّه يمدّه ، وما كان على جهة الزيادة ، قيل فيه : مدّه يمدّه مدّا ومنه : (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) [لقمان : ٢٧].
وقيل : المدّ في الشر ، والإمداد في الخير ؛ لقوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [البقرة : ١٥] وقوله : (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) [مريم : ٧٩] وقال في الخير : (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ) [الأنفال : ٩] وقال : (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) [الإسراء : ٦].
قوله : (أَنْ يُمِدَّكُمْ) فاعل ، (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ) أي : ألن يكفيكم إمداد ربكم ، والهمزة لما دخلت على النفي قررته على سبيل الإنكار ، وجيء ب «لن» دون «لا» ؛ لأنها أبلغ في النفي ، وفي مصحف أبيّ «ألا» بدون «لن» وكأنه قصد تفسير المعنى.
و «بثلاثة» متعلق ب (يُمِدَّكُمْ).
وقرأ الحسن البصريّ «ثلاثة آلاف» ـ بهاء ـ ساكنة في الوصل ـ وكذلك «بخمسة آلاف» كأنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، وهي ضعيفة ؛ لأنها في متضايفين تقتضيان الاتصال.
قال ابن عطية : ووجه هذه القراءة ضعيف ؛ لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد يقتضيان الاتصال إذ هما كالاسم الواحد ، وإنما الثاني كمال الأول ، والهاء إنما هي أمارة وقف ، فيتعلق الوقف في موضع إنما هو للاتصال ، لكن قد جاء نحو هذا للعرب في مواضع ، من ذلك ما حكاه الفرّاء من قولهم : أكلت لحما شاة ـ يريدون لحم شاة ـ فمطلوا الفتحة ، حتى نشأت عنها ألف ، كما قالوا في الوقف قالا ـ يريدون قال ـ ثم مطلوا الفتحة في القوافي ، ونحوها من مواضع الرؤية والتثبيت.
ومن ذلك في الشعر قوله : [الكامل]
١٦١٠ ـ ينباع من دفرى غضوب جسرة |
|
زيّافة مثل الفنيق المكدم (١) |
__________________
(١) البيت لعنترة ينظر ديوانه ص ٢٠٤ ، وخزانة الأدب ١ / ١٢٢ ، ٨ / ٣٧٣ ، ١١ / ١٨٣ ، والخصائص ٣ / ـ