وجهله بالتصرف (أَوْ ضَعِيفاً) صبيا أو شيخا مختلا (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ) أو غير مستطيع للإملاء بنفسه لعىّ به أو خرس (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) الذي يلي أمره من وصىّ إن كان سفيها أو صبيا ، أو وكيل إن كان غير مستطيع ، أو ترجمان يمل عنه وهو يصدقه. وقوله تعالى (أَنْ يُمِلَّ هُوَ) فيه أنه غير مستطيع ولكن بغيره ، وهو الذي يترجم عنه (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) واطلبوا أن يشهد لكم شهيدان على الدين (مِنْ رِجالِكُمْ) من رجال المؤمنين. والحرية والبلوغ شرط مع الإسلام عند عامة العلماء. وعن على رضى الله عنه : لا تجوز شهادة العبد في شيء. وعند شريح وابن سيرين وعثمان البتىّ أنها جائزة ، ويجوز عند أبى حنيفة شهادة الكفار بعضهم على بعض على اختلاف الملل (فَإِنْ لَمْ يَكُونا) فإن لم يكن الشهيدان (رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) فليشهد رجل وامرأتان ، وشهادة النساء مع الرجال مقبولة عند أبى حنيفة فيما عدا الحدود والقصاص (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ) ممن تعرفون عدالتهم (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما) أن لا تهتدى إحداهما للشهادة بأن تنساها ، من ضل الطريق إذا لم يهتد له. وانتصابه على أنه مفعول له أى إرادة أن تضل. فإن قلت : كيف يكون ضلالها مرادا لله تعالى؟ قلت لما كان الضلال سببا للإذكار ، والإذكار مسببا عنه ، وهم ينزلون كل واحد من السبب والمسبب منزلة الآخر لالتباسهما واتصالهما ، كانت إرادة الضلال المسبب عنه الإذكار إرادة للإذكار ، فكأنه قيل : إرادة أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت. ونظيره قولهم : أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه ، وأعددت السلاح أن يجيء عدوٌّ فأدفعه. وقرئ (فَتُذَكِّرَ) بالتخفيف والتشديد ، وهما لغتان. وفتذاكر. وقرأ حمزة : إن تضل إحداهما ، على الشرط. فتذكر : بالرفع والتشديد ، كقوله : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) وقرئ أن تضل إحداهما على البناء للمفعول والتأنيث. ومن بدع التفاسير : فتذكر ، فتجعل إحداهما الأخرى ذكرا ، يعنى أنهما إذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر (إِذا ما دُعُوا) ليقيموا الشهادة. وقيل : ليستشهدوا. وقيل لهم شهداء قبل التحمل ، تنزيلا لما يشارف منزلة الكائن. وعن قتادة : كان الرجل يطوف الحواء (١) العظيم فيه القوم فلا يتبعه منهم أحد ، فنزلت. كنى بالسأم عن الكسل ، لأنّ الكسل صفة المنافق. ومنه الحديث : لا يقول المؤمن كسلت» (٢) ويجوز أن يراد من كثرت مدايناته ؛ فاحتاج أن يكسب لكل دين صغير أو كبير كتابا ، فربما مل كثرة الكتب. والضمير في (تَكْتُبُوهُ) للدين أو الحق (صَغِيراً أَوْ كَبِيراً) على أى حال كان الحق من صغر أو كبر. ويجوز أن يكون الضمير للكتاب ؛ وأن يكتبوه مختصراً أو مشبعاً لا يخلوا بكتابته (إِلى أَجَلِهِ) إلى وقته الذي اتفق
__________________
(١) قوله «يطوف في الحواء» في الصحاح : الحواء جماعة بيوت من الناس مجتمعة. (ع)
(٢) يأتى في براءة