قال مجاهد : «العروة الوثقى» الإيمان (١).
وقال السّدّي : الإسلام (٢).
وقال ابن عباس ، وسعيد بن جبير والضحاك : لا إله إلّا الله (٣).
قوله : (لَا انْفِصامَ لَها) كقوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) [البقرة : ٢] والجملة فيها ثلاثة أوجه.
أحدها : أن تكون استئنافا ، فلا محلّ لها حينئذ.
والثاني : أنها حال من العروة ، والعامل فيها «استمسك».
والثالث : أنها حال من الضمير المستتر في «الوثقى». و «لها» في موضع الخبر فتتعلّق بمحذوف ، أي : كائن لها. والانفصام ـ بالفاء ـ القطع من غير بينونة ، والقصم بالقاف قطع ببينونة ، وقد يستعمل ما بالفاء مكان ما بالقاف.
والمقصود من هذا اللّفظ المبالغة ؛ لأنّه إذا لم يكن لها انفصام ، فأن لا يكون لها انقطاع أولى ، ومعنى الآية : بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، والعرب تضمر «الّتي» و «الذي» و «من» وتكتفي بصلاتها منها.
قال سلامة بن جندل : [البسيط]
١١٨٧ ـ والعاديات أساليّ الدّماء بها |
|
كأنّ أعناقها أنصاب ترجيب (٤) |
يريد والعاديات التي قال تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) [الصافات : ١٦٤] أي من له.
قوله (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) فيه قولان :
أحدهما : أنّه تعالى يسمع قول من يتكلم بالشّهادتين ، وقول من يتكلّم بالكفر ، ويعلم ما في قلب المؤمن من الاعتقاد الطاهر ، وما في قلب الكافر من الاعتقاد الخبيث.
الثاني : روى عطاء عن ابن عبّاس رض الله عنهما قال : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يحب إسلام أهل الكتاب من اليهود الذين كانوا حول المدينة ، وكان يسأل الله ذلك سرّا ، وعلانية ، فمعنى قوله (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يريد لدعائك يا محمّد عليم بحرصك واجتهادك (٥).
قوله تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٢١) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٥٨٤) وزاد نسبته لسفيان وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٢١) عن السدي.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥ / ٤٢١) عن سعيد بن جبير والضحاك.
(٤) ينظر : ديوانه (٩٦) ، والرازي ٧ / ١٥.
(٥) ذكره الفخر الرازي في «التفسير الكبير» (٧ / ١٥) من طريق عطاء عن ابن عباس.