الثّالث : أن يكون في محلّ نصب صفة لمفعول محذوف نصب بهذا المصدر المنون ، والتقدير : ونقص شيء كائن من كذا ، ذكره أبو البقاء.
ويكون معنى «من» على هذين الوجهين التّبعيض.
الرّابع : أن يكون في محل جرّ صفة ل «نقص» ، فيتعلق بمحذوف أيضا ، أي : نقص كائن من كذا ، وتكون «من» لابتداء الغاية.
الخامس : أن تكون «من» زائدة عند الأخفش ، وحينئذ لا تعلّق لها بشيء.
قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولمن أتى بعده من أمته ، أي : الصابرين على البلاء والرّزايا ، أي بشرهم بالثواب على الصبر ، والصبر أصله الحبس وثوابه غير مقدر ، ولكن لا يكون ذلك إلا بالصّبر عند الصّدمة الأولى [لقوله عليه الصلاة والسّلام : «إنّما الصّبر عند الصّدمة الأولى» (١)](٢) أي الشاقة على النفس الذي يعظم الثواب عليه ، إنما هو عند هجوم المصيبة ومرارتها.
والصّبر صبران ؛ صبر عن معصية الله تعالى فهذا مجاهد ، والصبر على طاعة الله فهذا عابد.
قوله تعالى : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (١٥٦) أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(١٥٧)
(٣) في قوله : «الّذين» أربعة أوجه.
أحدها : أن يكون منصوبا على النّعت للصابرين ، وهو الأصحّ.
الثّاني : أن يكون منصوبا على المدح.
الثّالث : أن يكون مرفوعا على خبر مبتدأ محذوف ، أي هم الذين ، وحنيئذ يحتمل أن يكون على القطع ، وأن يكون على الاستئناف.
الرّابع : أن يكون مبتدأ ، والجملة الشرطية من «إذا» وجوابها صلة ، وخبره ما بعده من قوله : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ).
__________________
(١) أخرجه البخاري (٢ / ١٧١) كتاب الجنائز باب زيارة القبور (١٢٨٣) وأبو داود (٢ / ٢١٠) كتاب الجنائز باب الصبر عند الصدمة الأولى رقم (٣١٢٤) وابن ماجه (١ / ٥٠٩) كتاب الجنائز باب ما جاء في الصبر على المصيبة رقم (١٥٩٦) وابن عساكر (٥ / ٢٧٤ ـ تهذيب).
وأخرجه بلفظ : إنما الصبر عند أول صدمة مسلم كتاب الجنائز باب (١٥) وأبو داود (٢ / ٢١٠) رقم (٣١٢٤).
(٢) سقط في ب.
(٣) «قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» زيادة في أفقط.