[القصص : ٧٣] ، والمعنى ؛ لتسكنوا في اللّيل ، ولتبتغوا من فضله في النهار.
وأمّا الشعر : فقول امرىء القيس : [الطويل]
١٠٤٤ ـ كأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا |
|
لدى وكرها العنّاب والحشف البالي (١) |
فشبه العنّاب بالرطب ، والحشف البالي باليابس.
قال ابن عطيّة : «هذا تحكّم وحمل للكلام على غير وجهه».
وقيل : الجملتان من قول الرسول والمؤمنين معا ، يعني أن الرسول قالهما معا ، وكذلك أتباعه. فإن قيل : كيف يليق بالرسول القاطع بصحّة وعد الله ووعيده أن يقول مستبعدا : متى نصر الله؟
والجواب من وجوه :
أحدها : التأويل المتقدّم.
والثاني : أن قول الرسول (مَتى نَصْرُ اللهِ) ليس على سبيل الشّكّ بل على سبيل الدعاء باستعجال النصر.
الثالث : أن كونه رسولا لا يمنع من أن يتأذّى من كيد الأعداء ؛ قال تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) [الحجر : ٩٧] وقال تعالى : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [الشعراء : ٣] وقال تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا) [يوسف : ١١٠] ، وعلى هذا فإذا ضاق قلبه ، وقلّت حيلته ، وكان قد تقدم وعبد الله بنصره ، إلّا أنه لم يعيّن له الوقت ؛ قال عند ضيق قلبه : (مَتى نَصْرُ اللهِ) حتّى إنّه إذا علم قرب الوقت ، زال غمه وطاب قلبه ؛ ويؤيد ذلك قوله في الجواب (إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) فلما كان الجواب بذكر القرب ؛ دلّ على أنّ السؤال كان واقعا عن القرب ، ولو كان السؤال وقع عن أنّه هل يوجد النصر ، أم لا؟ لما كان هذا الجواب مطابقا لذلك السؤال ، هذا على قول من قال إن قوله : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) من كلام الله تعالى جوابا للرسول ، ومن قال إنه من كلام المؤمنين. قال : إنّهم لما علموا أنّ الله تعالى لا يعلي عدوه عليهم ، قالوا : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) ، فنحن على ثقة بوعدك.
وقيل : إنّ الجملة الأولى من كلام [الرسول وأتباعه ، والجملة الأخيرة من كلام] الله تعالى ، على ما تقدم. فالحاصل أنّ الجملتين في محلّ نصب بالقول.
__________________
(١) ينظر : ديوانه ص ٣٨ ، وشرح التصريح ١ / ٣٨٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٤٢ ، ٢ / ٥٩٥ ، ٨١٩ ، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٤٤ ، ولسان العرب (أدب) ، والمقاصد النحوية ٢ / ٢١٦ ، والمنصف ٢ / ١١٧ ، والأشباه والنظائر ٧ / ٦٤ ، وأوضح المسالك ٢ / ٣٢٩ ، ومغني اللبيب ١ / ٢١٨ ، ٢ / ٣٩٢ ، ٤٣٩.