القول وجامعوه فيه ، وأن يكون منصوبا بآمنوا ، أي : صاحبوه في الإيمان.
قوله : (مَتى نَصْرُ اللهِ) «متى» منصوب على الظرف ، فموضعه رفع ؛ خبرا مقدّما ، و «نصر» مبتدأ مؤخر.
وقال أبو البقاء (١) : «وعلى قول الأخفش : موضعه نصب على الظرف ، و «نصر» مرفوع به». و «متى» ظرف زمان لا يتصرّف إلا بجرّه بحرف. وهو مبنيّ ؛ لتضمّنه : إما لمعنى همزة الاستفهام ، وإمّا معنى «من» الشرطية ، فإنه يكون اسم استفهام ، ويكون اسم شرط فيجزم فعلين شرطا وجزاء.
قال القرطبي (٢) : «نصر الله» رفع بالابتداء على قول سيبويه ، وعلى قول أبي العباس ؛ رفع بفعل ، أي : متى يقع نصر الله.
و «قريب» خبر «إنّ» قال النّحّاس (٣) : ويجوز في غير القرآن «قريبا» أي : مكانا قريبا و «قريب» لا تثنّيه العرب ، ولا تجمعه ، ولا تؤنّثه في هذا المعنى ؛ قال تعالى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) [الأعراف : ٥٦] ؛ وقال الشّاعر : [الطويل]
١٠٤٣ ـ له الويل إن أمسى ولا أمّ هاشم |
|
قريب ولا بسباسة ابنة يشكرا (٤) |
فإن قلت : فلان قريب لي ثنيت وجمعت فقلت : قريبون ، وأقرباء ، وقرباء.
فصل
والظاهر أنّ جملة (مَتى نَصْرُ اللهِ) من قول المؤمنين ، وجملة (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) من قول الرسول ، فنسب القول إلى الجميع ؛ إجمالا ، ودلالة الحال مبيّنة للتفصيل المذكور. وهذا أولى من قول من زعم أن في الكلام تقديما وتأخيرا ، والتقدير : حتّى يقول الذين آمنوا : (مَتى نَصْرُ اللهِ)؟ فيقول الرسول «ألا إنّ» فقدّم الرسول ؛ لمكانته ، وقدّم المؤمنون ؛ لتقدّمهم في الزمان. قالوا : لأنه أخبر عن الرسول ، والذين آمنوا بكلامين :
أحدهما : أنهم قالوا : (مَتى نَصْرُ اللهِ)؟
والثاني : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) فوجب إسناد كلّ واحد من هذين الكلامين إلى ما يليق به من ذينك المذكورين ، قال : الذين آمنوا قالوا : (مَتى نَصْرُ اللهِ) والرسل قالوا : (أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ) قالوا : ولهذا نظير في القرآن والشّعر :
أمّا القرآن : فقوله : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)
__________________
(١) ينظر : الإملاء ١ / ٩١.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٢٥.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ٢٥.
(٤) تقدم برقم ٥٦٦.