الحجّ أخرى ، ولا يحرم لكلّ واحد من ميقاته ، فيدخل تحت قوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ).
الوجه الثالث الّذي نهى عنه عمر ـ رضي الله عنه ـ : وهو أن يحرم بالحجّ فإذا دخل مكّة فسخ حجّه إلى عمرة ، ثم يحلّ إلى أن يهلّ بالحج يوم التّروية (١) ، فاختلف في ذلك ، فالجمهور على ترك العمل بها.
قال أبو ذرّ كانت المتعة لنا في الحجّ خاصّة (٢).
الوجه الرّابع من التمتع : متعة المحصر ، ومن صدّ عن البيت.
فصل
دم التمتع دم جبران ، فلا يجوز له الأكل منه.
وقال أبو حنيفة دم نسك ، ويأكل منه.
حجّة الأوّل وجوه :
أحدها : أنّ التمتع حصل فيه خلل فيكون دم جبران.
وبيان الخلل أنّ عمر كان ينهى عن المتعة ، فقال له عثمان ـ رضي الله عنهما ـ عمدت إلى رخصة بسبب الحاجة ؛ فدلّ على حصول نقص فيها.
وأيضا سمّاها تمتّعا ، والتمتع التّلذّذ ، ومبنى العبادة على المشقّة.
وأيضا ففي التّمتّع صار السّفر للعمرة ، وكان من حقّه أن يكون للحج ؛ لأنّه الحج الأكبر ، وأيضا حصل التّرفه بالإحلال بينهما ، وأيضا كان من حقّه جعل الميقات للحجّ ، فإنّه الأكبر ، وكل هذه أنواع خلل ، فوجب أن يكون الدّم دم جبران.
وثانيها : أنّ الدّم ليس بنسك أصلي من مناسك الحجّ ، أو العمرة ، كما لو أفردها وكما في حقّ المكّي ، والجمع بين العبادتين لا يوجب الدّم ، بدليل أنّ من جمع الصّلاة ، والصّوم ، والاعتكاف لا يلزمه دم ، وإذا ثبت ذلك فليس الدّم دم نسك ، بل دم جبران.
وثالثها : أنّ هدي التمتع ليس مؤقّتا ، والمناسك كلّها مؤقتة ، فيكون دم جبران.
ورابعها : أنّه يبدّل بالصّوم ، ودم النّسك لا يبدّل بالصّوم.
__________________
(١) نهي عمر عن التمتع أخرجه مسلم (٤ / ٤٦) وأحمد (١ / ٥٠) والبيهقي في «سننه» (٥ / ٢٠) عن أبي موسى أنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد ، حتى لقيه بعد فسأله فقال عمر : قد علمت أن النبي صلىاللهعليهوسلم قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرّسين بهن في الأراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ٢٦١.