أي : صرفه بالقتل عني ، وفي قوله : [الطويل]
٩٤٧ ـ ويركب يوم الرّوع منّا فوارس |
|
بصيرون في طعن الكلى والأباهر (١) |
أي : متحكّمون بالبصيرة في طعن الكلى»
والثاني : أنها بمعنى لام العلّة والأوّل أولى لأنّ المجاز في الحرف ضعيف.
و «ما» في قوله : (عَلى ما هَداكُمْ) فيها وجهان :
أظهرهما : أنها مصدرية ، أي : على هدايته إيّاكم.
والثاني : أنّها بمعنى «الذي» قال أبو حيان «وفيه بعد من وجهين :
أحدهما : حذف العائد ، تقديره : هداكموه ، وقدّره منصوبا ، لا مجرورا باللام ، ولا ب «إلى» لأنّ حذف المنصوب أسهل.
والثاني : حذف مضاف يصحّ به معنى الكلام ، على إتباع الذي هداكم أو ما أشبهه».
وختمت هذه الآية الكريمة بترجّي الشّكر ، لأنّ قبلها تيسيرا وترخيصا ، فناسب ختمها بذلك ، وختمت الآيتان قبلها بترجّي التقوى ، وهو قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) [البقرة : ١٧٩] وقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) [البقرة : ١٧٨] لأنّ القصاص والصوم من أشقّ التكاليف ، فناسب ختمها بذلك ، وهذا أسلوب مطّرد ، حيث ورد ترخيص عقّب بترجّي الشكر غالبا ، وحيث جاء عدم ترخيص عقّب بترجّي التقوى وشبهها ، وهذا من محاسن علم البيان والله أعلم.
فصل في المراد بالتكبير في الآية
في المراد بهذا التكبير قولان :
أحدهما : المراد منه التّكبير ليلة الفطر.
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ حقّ على المسلمين ، إذا رأوا هلال شوّال أن يكبّروا(٢).
قال مالك والشّافعي ـ رحمهالله ـ وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمّد : سنّ التكبير في ليلتي العيدين.
وقال أبو حنيفة : يكره في غداة الفطر.
واحتجّ الأوّلون بقوله تعالى : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) [قالوا :
__________________
(١) البيت لكعب بن زهير. ينظر : ديوانه (١٣٤) وأمالي ابن الشجري ٢ / ٢٦٨ ، والهمع ٢ / ٣٠ ، والأشموني ٢ / ٢١٩ والدرر ٢ / ٢٦ والدر المصون ١ / ٤٧٠.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» ٣ / ٤٧٩ عن ابن عباس موقوفا وذكره الرازي في تفسيره ٥ / ٧٩.