وأبو ثور ، فهذا كلّه عندهم وصيّة ؛ لأنّه في الثّلث ، وكلّ ما كان في الثّلث ، فهو وصيّة ، إلا أن الشافعيّ قال : لا يكون له الرّجوع في المدبّر إلّا بأن يخرجه عن ملكه ببيع أو هبة ، وليس قوله : «فقد رجعت» رجوعا.
فصل
اختلفوا في رجوع المجيزين للوصيّة للوارث في حياة الموصي ، وبعد وفاته.
فقالت طائفة : ذلك جائز عليهم ، وليس لهم الرجوع ، وهو قول عطاء بن أبي رباح ، وطاوس ، والحسن ، وابن سيرين ، وابن أبي ليلى ، والزهريّ ، وربيعة ، والأوزاعي (١) ، وقيل : لهم الرجوع ، إن أحبّوا ، وهو قول ابن مسعود ، وشريح ، والحكم ، والثوريّ ، والحسن بن صالح ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد وأبي ثور ، وابن المنذر (٢).
وقال مالك : إن أذنوا في صحته ، فلهم الرجوع ، وإن أذنوا في مرضه ، فذلك جائز عليهم ، وهو قول إسحاق.
فصل في الحجر على المريض في ماله
وذهب الجمهور إلى أنّه يحجر على المريض في ماله (٣).
وقال أهل الظاهر : لا يحجر عليه ، وهو كالصّحيح.
فصل في توقّف الوصيّة على إجازة الورثة
إذا أوصى لبعض ورثته بمال ، وقال في وصيّته : إن أجازها الورثة ، فهي لك ، وإن لم يجيزوها ، فهو في سبيل الله ، فلم يجزها الورثة ، فقال مالك : مرجع ذلك إليهم.
وقال أبو حنيفة ، ومعمر ، والشافعي في أحد قوليه : يمضي في سبيل الله ، والله أعلم.
فصل
من النّاس من قال : إن الوصيّة كانت واجبة ؛ واستدلّ بقوله كتب وبقوله «عليكم» وأكد الإيجاب بقوله : «على المتّقين» ، وهؤلاء اختلفوا : فمنهم من قال صارت هذه الآية منسوخة.
وقال أبو مسلم (٤) : إنها لم تنسخ من وجوه.
أحدها : أن هذه الآية الكريمة ليست مخالفة لآية المواريث ، ومعناه : «كتب عليكم ما وصّى به الله ؛ من توريث الوالدين والأقربين ، ومن قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) [النساء : ١١] أو كتب على المحتضر أن يوصي للوالدين والأقربين ؛ بتوفير ما وصّى به الله عليهم ، وألّا ينقص من أنصبائهم».
__________________
(١) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٧٥.
(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٧٨.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي ٢ / ١٧٨.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٥٣.