له شيء يريد أن يوصي فيه ، يبيت ليلتين إلّا ووصيّته مكتوبة عنده» (١).
وقال بعضهم : إن الوصيّة لم تكن واجبة ، وإنما كانت مندوبة ، وهي على حالها لم تنسخ ، وسيأتي الكلام عليه قريبا ـ إن شاء الله تعالى ـ.
قوله : «بالمعروف» : يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أن يتعلّق بنفس الوصيّة.
والثاني : أن يتعلّق بمحذوف على أنّه حال من الوصيّة ، أي : حال كونها ملتبسة بالمعروف ، لا بالجور.
فصل
يحتمل أن يكون المراد منه قدر ما يوصى به ، فيسوّى بينهم في العطيّة ، ويحتمل أن يكون المراد من المعروف ألّا يعطي البعض ، ويحرم البعض ؛ كما إذا حرم الفقير ، وأوصى للغنيّ ، لم يكن ذلك معروفا ، ولو سوّى بين الوالدين مع عظم حقهما ، وبين بني العمّ ، لم يكن معروفا ، فالله تعالى كلّفه الوصيّة ؛ على طريقة جميلة خالية عن شوائب الإيحاش ، ونقل عن ابن مسعود : أنه جعل هذه الوصيّة للأفقر فالأفقر من الأقرباء (٢).
وقال الحسن البصريّ : هم والأغنياء سواء (٣).
وروي عن الحسن أيضا ، وجابر بن زيد ، وعبد الملك بن يعلى (٤) : أنهم قالوا فيمن يوصي لغير قرابته ، وله قرابة لا ترثه ، قالوا : نجعل ثلثي الثّلث لذوي قرابته ، وثلث الثّلث للموصى له ، وتقدّم النّقل عند طاوس أنّ الوصيّة تنزع من الأجنبيّ ، وتعطى لذوي القرابة (٥).
وقال بعضهم : قوله : «بالمعروف» : هو ألّا يزيد على الثّلث ، روي عن سعد بن مالك ، قال : جاءني النبيّ صلىاللهعليهوسلم يعودني ، فقلت : يا رسول الله ، قد بلغ بي من الوجع ما ترى ، وأنا ذو مال ، ولا يرثني إلّا ابنتي ، فأوصي بثلثي مالي؟ وفي رواية : «أوصي بمالي كلّه» قال : لا ، قلت : بالشّطر ؛ قال : لا ، قلت : فالثّلث ، قال : الثّلث ، والثّلث كثير ؛ إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكفّفون الناس (٦).
__________________
(١) أخرجه البخاري (٤ / ٤٦) كتاب الوصايا (٢٧٣٨) ومسلم كتاب الوصية (٤٤١) والنسائي (٦ / ٢٣٩) وأبو داود (٢٨٦٢) وأحمد (٢ / ٨٠) والترمذي (٩٧٤ ، ٢١١٨) وابن ماجه (٢٦٩٩ ، ٢٧٢) والدارقطني (٤ / ١٥٠) والبيهقي (٦ / ٢٧٢) وأبو نعيم في «الحلية» (٦ / ٣٤٢).
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٥٠.
(٣) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٥٠.
(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٥٥.
(٥) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٥٥.
(٦) أخرجه مالك في «الموطأ» (٧٦٣) والبخاري (٢ / ١٧٥) كتاب الجنائز (١٢٩٥) و (٧ / ٢١٨) كتاب المرضى والطب باب قول المريض إني وجع (٥٦٦٨) ، (٧ / ١١١) كتاب النفقات باب فضل النفقة على الأهل (٥٣٥٤) ومسلم في الوصية (٥ ، ٨ ، ١٠٢) والترمذي (٢١١٦) وأبو داود كتاب الوصية ٣٥ ـ