أحدهما ـ وهو الظاهر ـ : أنه مفعول ب «آتى» وهل هو الأول ، و «المال» هو الثاني ؛ كما هو قول الجمهور ، وقدّم للاهتمام ، أو هو الثاني ، فلا تقديم ، ولا تأخير ؛ كما هو قول السّهيليّ؟
والثاني : أنه منصوب ب «حبّه» ؛ على أن الضمير يعود على «من آمن» ؛ كما تقدّم.
فصل في المراد ب «ذوي القربى»
من النّاس من حمل ذوي القربى على المذكور في آية النفل والغنيمة ، وأكثر المفسّرين على ذوي القربى للمعطين ، وهو الصحيح ؛ لأنّهم به أخصّ ، وهم الذين يقربون منه بولادة الأبوين ، أو بولادة الجدّين ، أو أبي الجدّين ، ولا يقتصر على ذوي الرّحم المحرم كما حكي عن قوم ؛ لأنّ المحرميّة حكم شرعيّ ، والقرابة لفظة لغوية موضوعة للقرابة في النّسب ، وأن تفاوتوا في القرب والبعد.
قوله «واليتامى» : ظاهره أنه منصوب ، عطفا على ذوي.
وقال بعضهم : هو عطف على «القربى» ، أي : «آتى ذوي اليتامى» ، أي : أولياءهم ؛ لأن الإيتاء إلى اليتامى لا يصحّ ؛ فإن دفع المال إلى اليتيم الذي لا يميّز ، ولا يعرف وجوه المنفعة يكون مخطئا ، ولا حاجة إلى هذا ، فإنّ الإيتاء يصدق ، وإن لم يباشر من يؤتيه بالإيتاء ، يقال : «آتيت السّلطان الخراج» ، وإنّما أعطيت أعوانه.
وأيضا : إذا كان اليتيم مراهقا عارفا بمواقع حظّه ، وتكون الصدقة من باب ما يؤكل ، ويلبس ، ولا يخفى على اليتيم وجه الانتفاع به ، جاز دفعها إليه ، هذا على قول من قال : إن اليتيم هو الذي لا أب له مع الصّغر (١).
وقال بعضهم : إن هذا الاسم قد يقع على الصّغير ، وعلى البالغ ؛ لقوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) [النساء : ٢] وهم لا يؤتون إلّا إذا بلغوا ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسمّى يتيم أبي طالب بعد بلوغه ؛ فعلى هذا : إن كان اليتيم بالغا ، دفع إليه ، وإلّا دفع إلى وليه ، والمساكين أهل الحاجة ، وهم ضربان : من يكفّ عن السؤال ، وهو المراد هاهنا ، ومنهم من يسأل وينبسط ، وهم السائلون ، وإنما فرق بينهما ؛ من حيث يظهر على المساكين المسكنة ممّا يظهر من حاله ، وليس كذلك السائل لأنه يظهر حاله.
وابن السبيل اسم جنس أو واحد أريد به الجمع ، وسمّي «ابن السّبيل» ، أي : الطريق ، لملازمته إيّاها في السّفر ، أو لأنّ الطريق تبرزه ، فكأنها ولدته.
وقيل : هو الضعيف (٢).
__________________
(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٣٧.
(٢) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٥ / ٣٧.