ومن أجل إقناعهم بخطإ موقفهم من القرآن والإيمان أنزل لهم هذه الآيات : (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ. أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ...)(١) إلى آخر الآيات.
ولتنظر سورة الأنعام ، والأنبياء ، ويس ، والغاشية ، فكلها عرضت الأمر بأسلوب بديع هادئ مقنع للكافرين.
أبعد هذا الأسلوب الهادئ أسلوب؟! وبعد هذه الأدلة المقنعة أدلة؟! ...
أما استشهادهم على قولهم بسورة الكافرين فلا حجة لهم فيها لأن هذه السورة نزلت تيئيسا للكافرين ومفاصلة لهم من عبادة رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لمعبوداتهم عند ما طلبوا منه أن يعبد معبوداتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة فنزل قوله تعالى : (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ. وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ .. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)(٢).
في هذا بلاغ وبه الحجة الكافية على هؤلاء المستشرقين المزيفين للحق الحائدين عنه. والله غالب على أمره.
الشبهة الخامسة :
زعموا أن السور المكية خالية من التشريعات والقوانين التفصيلية لضعف الثقافة عند المكيين بعكس السور المدنية فقد ذكرت هذه القضايا تأثرا بالثقافة اليهودية (٣).
__________________
(١) سورة النمل آية ٥٩ ـ ٦١.
(٢) سورة الكافرون.
(٣) المدخل لدراسة القرآن الكريم ص ٢٤٣.