في أناجيلهم المزعومة. إذا ما رجعنا إلى قضية لا تحتمل التضارب والخلاف ، فقد رأينا كيف اختلفت الأناجيل في نسب عيسى ـ عليهالسلام ـ الذي اختاروه له ، ثم تخبطوا فيه بشكل لا يترك أي مجال للشك في حقيقة أن هذه الكتب لا يمكن أن تكون وحيا ولا كلام رسول من الرسل. والتي لا يمكن الاعتماد عليها في مجال العقائد. وبالتالي يتبين أن إسقاطها خبرا من الأخبار ، وإهمالها قضية من القضايا مهما بلغت أهميتها ليس بالأمر المستبعد وقد يقع ذلك لمجرد طبيعة هذا النوع من المراجع ، أو لسبب يبيته كتابها ولأمر يقدرونه وحساب يحسبونه.
وعلى ضوء هذه المقدمة التي ذكرتها يمكن أن يعلل وجود قضايا ذكرها القرآن الكريم ولم تذكرها كتب النصرانية ككلامه ـ عليهالسلام ـ في المهد ونعلل كثيرا منها :
١ ـ أن الأناجيل قد كتبت في وقت كان اليهود والرومان يضطهدون فيه أتباع المسيح ـ عليهالسلام ـ ويلاحقونهم بالأذى ، وكانوا يطلقون ألسنتهم في المسيح وأمه وفي المعجزات التي وقعت منه ويتهمونه بأبشع التهم وأشنعها فليس معقولا ـ والأمر كذلك ـ أن يفتح كتاب الأناجيل جبهة جديدة للعرب بينهم وبين اليهود والرومان ، وأن يلقوا إلى النار المشبوبة وقودا جديدا يزيدها ضراما ولهيبا ، ويزيد اليهود سفاهة فيه ، وتطاولا عليه ، وتكذيبا له ـ عليهالسلام ـ.
٢ ـ إذا علمنا أن كلام المسيح ـ عليهالسلام ـ في المهد ، كان للحظة عابرة ولم يكن معجزة مستمرة تعيش بين الناس أمدا طويلا ، وأنه إنما حدث للحظات أطفأ بها ثورة عامرة قامت على أمه الصديقة الطاهرة ـ رضي الله عنها ـ رماها فيها قومها بأسوإ فرية ، فبرأها الله على لسان ابنها وهو في مهده ، وإذا علمنا أن هذا المولود عاد إلى طبيعته كطفل له كل ما للأطفال من الحاجات ، ويفعل كل ما يفعل الأطفال ـ ليس إلا ـ فإذا ما أضفنا إلى ذلك كله قلة الذين سمعوه فالمتصور أن الذين كانوا حولها في تلك الحال ما هم إلا نفر من ذويها ، مهما كثر عددهم ، فلن يزيدوا عن أن يكونوا مجموعة ممن يهمهم أمرها ، وفي ضوء ظروف كالتي وصفناها آنفا فهم إذا ما خبروا عن هذا الذي كان من