الإخلاص في العبادة
إلّا من طريق الحبّ .
ولا نترك هذه الفقرة من دون تعليق وتسليط الأضواء على ما ورد فيها ، قال سبحانه : (وَمَا
أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)
، وقال الله سبحانه : (وَمَا يُؤْمِنُ
أَكْثَرُهُم بِاللَّـهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ) .
تقسِّم هاتان الآيتان الناس إلى ثلاث
طوائف :
١ ـ الأكثريّة من الناس ، وهؤلاء ليسوا
بمؤمنين بسبب انكبابهم على الدنيا الفانية وغفلتهم عمّا يراد بهم ، وهم من الذين
وصفهم الله بقوله : (إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) .
٢ ـ الأقليّة التي سمّاهم الله المخلصين
والمقرّبين ممّن اصطفاهم لنفسه ، واجتباهم لحمل الأمانة السماويّة من أهل التوحيد
الخالص والإيمان المحض الذي لا يعتريه نقص ولا شائبة.
٣ ـ الطائفة المؤمنة التي يكون موقعها
بين الطائفتين ، وهم المؤمنين الذين يشوب إيمانَهم بعضُ النقص والانحراف ، وقد
سمّى القرآن ذلك النقص وتلك الأدران الشركَ الخفيّ ، وهو على لسان الروايات أخفى
من دبيب النمل على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء ، ولهؤلاء المؤمنين مراتب
مختلفة من ناحية الإيمان قوّةً وضعفاً ، فمنهم من هو أقرب إلى الله من غيره. وليس
هذا الاجتماع بين الإيمان والشرك من مصاديق اجتماع النقيضين الذي يحكم العقل
ببطلانه ، بل هو اختلاف نسبيّ في مسألة القرب والبعد من الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ